"من رحم المعاناة يولد الإبداع".. تجسدت تلك المقولة على محمود محسن، شاب في أواخر العشرينات، دفعته ظروف عمله للانتقال من مسقط رأسه مدينة الفيوم، إلى أحد أحياء القاهرة الكبرى حيث صخب الشوارع وتعدد المواصلات والاتجاهات حوله، فهو الذي لم يعتد سوى على عدد محدود من المواصلات داخل محافظته حتى أن خلال قضاءه للمرحلة الجامعية بحلوان اقتصر طريقه من المبنى السكني للطلبة إلى مقر كليته، فكيف له أن يتنقل بسهولة داخل أرجاء العاصمة دون إهدار لوقته ومجهوده!؟.
فبمجرد أن دب رجليه أرض العاصمة طالته "فهلوة" المصريين في وصف الطرق وتوجيهه للوسيلة الأنسب للوجهة التي يقصدها، وفي محاولة للتحايل على كسب الرزق؛ كان بعض السائقين يوجهونه بالخطأ كي يستقل سيارتهم دون غيرهم الأمر الذي جعله يقضي ساعات في الشارع للسؤال عن كيفية الوصول لمكان ما يرغب به، حتى أهداه فكره بنهاية المطاف لإطلاق "أبليكيشن" يوفر شرح للوصول لمناطق مختلفة داخل نطاق القاهرة الكبرى والذي يجدها الأكثر عقيدا على مستوى محافظات مصر بطبيعة الحال.
"اركب ايه" اسم "الأبليكيشن" الذي شرع الشاب العشريني على اطلاقه وبدأ بالعمل به منذ حوالي 6 أشهر، محاولا من خلاله مساعدة المغتربين أمثاله ممن يجدوا صعوبة في التعامل مع مواصلات القاهرة الكبرى؛ ومعرفة الاتجاه الأسرع والأنسب لـ"مشاويرهم" اليومية، وذلك بالاستعانة ببعض شركات النقل بفئتيها العام والخاص الموجودين في مصر فضلا عن مجهودات الأشخاص القاطنين بمنطقة بعينها لمعرفة دهاليز وأرجاء تلك المكان لتوفير حصيلة معلوماتية تتميز بالزخم وتقدم الخدمة بأفضل صورة.
استعان محمود بأحد زملائه والذي يعمل في مجال البرمجة؛ من أجل تصميم الأبليكيشن الخاص به، ويعاونه عشرة أشخاص بهدف تجربة "الأبليكيشن" قبل إطلاقه للجمهور بمنتصف يناير المقبل، حيث تم الانتهاء من النسخة التجريبية والتي يتم التعديل عليها خلال الوقت الحالي.
وقد واجهته معاناة من نوعا آخر وذلك عند جمع المعلومات التي ينبغي أن تتوافر في التطبيق من قبل شركات النقل، قائلا في هذا الصدد: "شركات النقل أغلبها تجاهلتني بعدم الرد؛ وآخرين قدموا لي معلومات قديمة لا تتماشي مع القائم حاليا بشركاتهم"، لكنه لم يستسلم واستعان بخبرات فردية من أجل تحقيق رغبته بخدمة المغتربين في تحديد طريقة الوصول لوجهتهم وسط ازدحام العاصمة.