شهد سعر النفط الأمريكي انهيارًا تاريخيًا غير مسبوق مساء أمس الإثنين، حيث وصل سعر برميل النفط الأمريكي للعقود الآجلة المقرر تسليمها في مايو القادم إلى 11 دولار، واستمر في الانهيار ليصل إلى دولار واحد فقط لسعر البرميل، ولم يقف عند هذا الحد ليستمر في انهياره ويصل سعره إلى سالب 3.7 دولار، وواصل انهياره تحت الصفر ليستقر عند سالب 37 دولار للمرة الأولى في تاريخه.
ويرجع سبب الانهيار لأسعار النفط الأمريكي نتيجة تداعيات أزمة فيروس كورونا التي دفعت حكومات معظم دول العالم لاتخاذ إجراءات الاحترازية للحد من انتشاره، مما دفع الكثير من الدول لفرض حظر التجوال الكلي أو الجزئي، وترتب عليه التزام المواطنون حول العالم بالبقاء في المنازل، مما أدى إلى تراجع الطلب العالمي على المواد البترولية وبالتالي تراجع سعر البترول العالمي، حتى وصلت شركات النفط العالمية إلى مرحلة عدم وجود أماكن تخزين تستوعب إنتاجها من النفط، ليشهد سعر برميل النفط هذا الانهيار التاريخي، وتضطر الشركات الأمريكية إلى بيعه بالسالب ودفع الأموال للتجار من أجل نفاذ الفائض لخام النفط لديها.
وشهد الشارع المصري حالة من الترقب والمتابعة لانهيار النفط الأمريكي، الذي تزامن مع ارتفاع سقف التوقعات والطموحات لدى البعض بانهيار سعر البنزين في مصر في المقابل وإمكانية شراءه بالمجان أو بأسعار زهيدة لا تذكر كما حدث مع برميل النفط الأمريكي، وفي الجانب الآخر كان لبعض المواطنين والمحللين نظرة تشاؤمية بعد انهيار النفط الأمريكي، متوقعين أن يتبع ذلك انهيار للاقتصاد العالمي مما يؤثر بالطبع على الاقتصاد المصري، فما هو تأثير انهيار النفط الأمريكي على أسعار البنزين في مصر؟.
من جانبه قال المهندس أسامة كمال، وزير البترول والثروة المعدنية السابق، إن انهيار سعر النفط الأمريكي له تأثيرين على أسعار البنزين في مصر، أحدهما سلبي والآخر إيجابي، موضحاً أن التأثير الإيجابي يتمثل في انخفاض أسعار المواد البترولية المستوردة من الخارج أو منتجاته التي أصبح سعرها أقل، مشيراً إلى توقف مصر عن استيراد مواد بترولية من الخارج خلال الأسبوعين الماضيين لأن انتاجنا كافي، مضيفاً أن هذا الانهيار سيؤثر بشكل غير مباشر في تقليل دعم الدولة للمواد البترولية نتيجة لانخفاض الأسعار.
وأكد أن سعر المواد البترولية في السوق المصري لن يتأثر بانخفاض سعر النفط الأمريكي، وأن التأثير الإيجابي المتوقع في هذه الحالة هو تقليل رقم دعم الدولة على المواد البترولية ليس أكثر.
وأوضح كمال خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "الحكاية" المذاع على MBC مصر، أن التأثير السلبي لانهيار النفط الأمريكي على مصر، يتمثل في تقليص شركات البحث والاستكشاف الأمريكية لاستثمارتها الموجهة إلى دول العالم ومنها مصر للاستكشاف والبحث عن آبار جديدة، وأخذ فترة ترقب حتى تستقر الأمور، موضحًا أنه في حالة تجميد هذه الشركات لعمليات الاستكشاف لمدة ستة أشهر سيؤثر ذلك على سوق البترول في مصر بعد ثلاث سنوات وسيظهر عجز ما بين المطلوب والمعروض.
وفي سياق متصل، دعا رأفت مسروجة، خبير السيارات والرئيس الشرفي لمجلس معلومات سوق السيارات "أميك"، إلى التروي وعدم الارتفاع بسقف التوقعات واعتقاد المصريين بأنهم سيحصلون على البنزين مجاناً أو بأسعار زهيدة، موضحًا أن هذا غير صحيح، لأن مصر لا تعتمد في توفير المواد البترولية على النفط الأمريكي الآجل والمخزن، كما أن المخزون الاستراتيجي لمصر من المواد البترولية كامل في الوقت الحالي وليس هناك مجال للاستيراد من أمريكا، موضحًا أنه حتى في حالة التفكير في الاستيراد من أمريكا يجب الأخذ في الاعتبار أسعار الشحن.
وأضاف مسروجة في تصريح لـ "عالم السيارات" أن انهيار النفط الأمريكي تأثيره وقتي ويمكن أن يؤثر على الاقتصاد العالمي ويؤثر في البورصة وأسعار الذهب والعملات ولكن لوقت محدود، متوقعاٌ أن ينتهي تأثيره وتعود الأمور لطبيعاتها في أمريكا والاقتصاد العالمي خلال أسبوع من الآن.
وأوضح أن ما حدث للنفط الأمريكي مساء أمس كان نتيجة لرغبة الشركات الأمريكية في التخلص من فائض النفط الخام داخل مخازنها فعرضت على التجار أخذه مجاناً ودفع أموال لهم مقابل التخلص من إنتاج شهر مايو، مضيفًا أنه في حالة عودة الحياة لطبيعتها مرة أخرى بعد انتهاء أزمة كورونا ستعاود أسعار النفط الأمريكي ارتفاعها مرة أخرى، لذلك لا داعي للتعجل في افتراض النتائج لأنها وقتية.