شهد قطاع السيارات المصري العديد من الأزمات على مدار العام الجاري، أدت إلى تراجع المبيعات بنسبة كبيرة، كما أن ترقب المستهلكين لتخفيضات بأسعار السيارات في مطلع العام الجديد 2020 اعتمادا على تطبيق الشريحة الأخيرة على السيارات القادمة من تركيا ساهم في ركود السوق بشكل مضاعف.
بينما ساهم تدشين حملات مقاطعة تشكك في الأسعار التي يقدمها الوكلاء والتي رأى البعض أنها مبالغ فيها مقارنة بالسعر الحقيقي الذي توفره الشركة الأم، الأمر الذي اضطر التجار إلى الاستيراد بعيدا عن الوكلاء للحصول على سعر أقل ينافسون به فيما يعرف بـ"السوق الموازي" وهو الذي يخرج من تحت عباءة الوكيل الذي يفرض شروطا صعبة عليهم في بعض الأحيان من وجهة نظرهم، وقد كان تلك النوع من الاستيراد قائما من قبل ولكن تفاقم مع تغيرات السوق الجديد.
وهنا يواجه المستهلك في بعض الأحيان مشاكل مع الوكيل الرسمي للعلامة الخاصة بسيارته التي تم استيرادها عن طريق "السوق الموازي"، حيث يرفض بعض الوكلاء الرسميين لشركات السيارات تقديم خدمات ما بعد الصيانة داخل مراكز الخدمة الرسمية لهم مما يضطر العميل اللجوء إلى أماكن غير رسمية لتصليح الأعطال التي تواجهه أو لعمل الصيانة الدورية.
من جانبه قال نور الدين درويش نائب رئيس شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن اتفاقيات الشراكة الأوروبية وغيرها من الاتفاقيات المتعلقة بالإعفاءات الجمركية على السيارات، أفسحت المجال أمام الجميع بممارسة الاستيراد الحر غير المشروط.
وشدد درويش خلال تصريحات خاصة لـ"عالم السيارات"، على ضرورة إصدار قرار يجبر الوكلاء على الاعتراف بالسيارات التي يتم استيرادها بمعزل عنهم، حيث أن هناك بعض الماركات لا تسمح بخدمات ما بعد البيع للمستهلك في مراكز الصيانة الرسمية، لافتا أنه مؤخرا أدرك الوكلاء أهمية السوق الموازي فسمحوا بإجراء الصيانة ولكن مع دفع المستوردين مبلغ مقابل تلك الخدمة.
وأضاف نائب رئيس شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن المستوردين يتكلفون أعباءا مالية عند الاستيراد الحر، حيث يضطروا لشراء "شهادة الميزة التفاضلية أو "اليورو وان" بمبلغ 150 يورو، والتي تثبت أن السيارة ذات منشأ أوروبي، حيث لا توفر الشركة الأم تلك الشهادة سوى مع الوكلاء المعتمدين داخل مصر.
من جانبه قال أسامة محمود رئيس قطاع التسويق في شركة "أوتو جروب" أنه من الصعب أن نطلق على ذلك النوع من الاستيراد مصطلح "الموازي"، نظرا لصغر حجمه وعدم قدرته على الأسواق الكبرى داخل السوق المصري والذي قادر على إشباع احتياجات المستهلك كاملة ويوجد فائض.
وأضافة محمود خلال تصريحات خاصة لـ"عالم السيارات"، أنه على الرغم من صغر حجم تلك السوق إلا أن المنافسة داخل قطاع السيارات على صعيد الخدمات أو الأسعار وغيرها من الخدمات تقود المناخ العام إلى الأفضل سواء للوكيل والمستورد وصولا للعميل، لافتا أن غالبية المستهلكين في مصر لا يحبذون فكرة اقتناء سيارة تحمل مخاطرة له في المستقبل.
وتابع: العميل يفضل شراء سيارته من مكان الوكلاء الرسميون لما يوفرونه له من حماية وآمان في خدمات بعد البيع سواء من ناحية الصيانة الدورية وتوفير قطع الغيار أو مشاكل الضمان، مشيرا أن في حال مواجهته بعض المشاكل يستطيع الوكيل حمايته كما أن بمقدوره التوجه لجهاز حماية المستهلك لعرض الشكوى الأمر الذي لا يتوافر لدى الموزعين خارج مظلة الوكلاء ممن يفضلون المكاسب على مصلحة العميل.
وأكد أن السوق الموازي ليس مقياسا لمبيعات السيارات في مصر، على الرغم من أن السيارات التي يستوردونها تتمتع بالعديد من المزايا الإضافية مما يغري بعض العملاء، ممن يهتمون باستثمار سيارتهم فيما بعد.
ونوه أن رفض التوكيلات لتقديم خدمات ما بعد البيع لتلك النوعية من الاستيراد يرجع لحقه في حماية استثماراته داخل مصر، حيث أنه تكبد العديد من التكاليف نظير الحملات الدعائية والتسويق داخل مصر، بالإضافة إلى توفير قطع الغيار اللازمة لخدمة عملاؤه فقط دون الاكتراث للمستهلك الذي يشتري خارج مظلته.
وأشار أنه على الرغم من المكاسب التي قد يحققها التوكيل من خلال تقديم خدمات الصيانة لمن يحمل علامته، إلا أن العملية أخلاقية من الدرجة الأولى حيث تحتم عليه الشركة الأم الالتزام ببعض المعايير، معلقا: "مش هحارب نفسي عشان اكسب من جانب صغير وأساعد في تنمية الأسواق الموازية".
وفي سياق متصل أرجع رئيس قطاع التسويق في شركة "أوتو جروب"، سبب لجوء المستوردين لتلك النوع من الاستيراد من باب خوض تجربة جديدة، إلى جانب أن هناك شريحة كبيرة منهم تطمع في هامش ربح خارج مظلة الوكيل الذي يفرض عليهم ربح محدود، لافتا أنه يخاطر باستمرار وجوده وأمانه في السوق.
بينما شدد على عدم تطابق مواصفات بعض السيارات المستوردة بمعزل عن العميل مع البيئة التحتية في مصر، موضحا أن تلك السيارات يتم توفيرها لبعض الدول الأجنبية التي يختلف مناخها عن بلادنا، فعلى سبيل المثال دول الخليج تحتاج لأنواع إطارات بكثافة معينة لتحمل حرارة الجو هناك وفي بعض الدول الغربية تصمم السيارة حسب معدلات المناخ البادرة لديهم لذلك فمن المخاطرة أن يلجأ المستهلكين لتلك الموزعين دون دراية بتبعات الأمر.
في حين حذر العملاء من الاستيراد خارج الوكيل نظرا لأن استهلاك الوقود في بعض الدول قد يكون أعلى منه في مصر، نتيجة أن قوة المحرك تفوق الـ2000 سي سي، بينما الحد الأقصى لغالبية السيارات في مصر لا تتجاوز 1600 سي سي، الأمر الذي يولد العديد من المشاكل أمام العميل في خدمات ما بعد البيع.
وعلى صعيد متصل أكد أن ظاهرة السوق الموازي سوف تختفي بعد فترة من الزمن، حين يدرك المستورد أنه يقوم بمخاطرة غير آمنة وأن العالم كله يسير بقانون واحد فيما يخص توكيلات السيارات، لافتا أن التوكيل ممثل للشركة الأم على مستوى البلاد، كما أن التحالفات الضخمة التي أصبحت تتبعها العلامات الكبرى مع بعضها مثل "FCA" مع "PSA" على سبيل المثال، والتي تضم عدة علامات تحت مظلتها؛ الأمر الذي يشعر العميل بأن هناك كيان يحافظ على مصلحته ويسعى لتقديم أفضل الخدمات.