قبل أن يأخذك العنوان بعيدًا عزيزي القارئ وتتصور أننا نتحدث عن رئيس إحدى الحكومات العربية سأخبرك أننا نتحدث عن القارة الأوروبية، وبالتحديد عن إيطاليا ورئيس الحكومة المرشح جوزيبي كونتي، وقبل أن تتساءل عن دور سيارة الأجرة في الموضوع سأقول لك إن الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريللا قد كلف جوزيبي كونتي يوم 23 من مايو 2018 بتشكيل الحكومة.. إلى هنا والأمر يبدو عاديًا ويحدث في أي دولة بالعالم تقريبًا، لكن ما حدث بعد ذلك كان غير عادي..
لقد توجه كونتي إلى قصر كويرينال مقر الرئيس الإيطالي مستقلاً تاكسيًا من التاكسيات المنتشرة في العاصمة الإيطالية! نعم.. لم يستقل سيارة مصفحة تتكلف ملايين الدولارات ولم يتبعه جيش من السيارات والدراجات النارية لتأمينه، ولم يحاول حتى أن يستقل سيارة ليموزين، بل جلس في المقعد الخلفي للتاكسي وحين وصل إلى باحة القصر هبط منه وأغلق الباب بنفسه، وواصل طريقه إلى السلالم حاملاً أوراقه وداخلاً إلى القصر.. هكذا ببساطة..
صحيح أن كونتي قد اعتذر بعدها عن عدم تشكيل الحكومة، لكن هذا كان بعد المشهد الذي نتحدث عنه، والذي ينقلنا ببساطته الآسرة إلى السيارات الفاخرة التي تقل المسؤولين في بلادنا العربية، ومواكب التأمين التي تنطلق أمامهم وخلفهم، ورتل الحرس المكلفين باستقبالهم، بل والسيارات باهظة الأثمان التي يستقلها أصغر مسؤول حكومي، ويعيد إلى الأذهان صورة شهيرة التُقطت لرئيسة الوزراء الألمانية أنجيلا ميركل وهي تسير على قدميها مع زوجها في طريق عودتها من السوبر ماركت كأي مواطن عادي، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل: لماذا هذا الفرق الشاسع بيننا وبينهم؟ هل نرى أنفسنا أغنى منهم ولا حاجة لنا للاقتصاد؟ أليس لدينا فقير من الأولى أن تذهب إليه نفقات المظاهر التي لا فائدة منها؟ ألم ينهنا ديننا عن الإسراف؟ يبدو أن مقولة "وجدت هناك إسلامًا بلا مسلمين" التي قالها الإمام محمد عبده عن الغرب ما زالت صالحة لوصف الحال، فقط نرجو ألا نكون نحن مسلمين بلا إسلام.
يمكنك مشاهدة لحظة وصول كونتي عبر الرابط التالي:
https://www.youtube.com/watch?time_continue=24&v=Nvhbx9Wbds0