يعرف الكثير منا السيارة "رمسيس" التي اختلف الجميع بشأنها. فالبعض رأي فيها تجسيدا للقبح في أبشع صوره ورأي البعض الأخر أنها كانت سيارة إقتصادية تلائم شرائح كبيرة من الراغبين في إمتلاك سيارة. ربما لم تكن رمسيس قبيحة عندما ظهرت لأول مرة عام 1959 ولكنها اليوم صارت في نظر الكثيرين نكتة يتندرون بها على الرغم من أن تلك السيارة ستظل تحمل لقب أول سيارة تنتج في أفريقيا.
بقدر ما كان مشروع السيارة طموحا بقدر ما كان مخيبا للآمال في النهاية. فقد بدأت قصة رمسيس عندما تزايدت أهمية توفير موديل إقتصادي في خمسينيات القرن الماضي خاصة وأن مبيعات السيارات أخذت في التزايد بشكل سريع. في إقتناء سيارة لم يعد قاصرا على الأثرياء وأبناء الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة. ولهذا انتهز كلا من جورج حاوي وعصام الدين أبو العلا الفرصة وسعيا لتقديم سيارة إقتصادية بسعر منخفض وتكاليف تشغيل زهيدة. ولهذا الغرض أسسا شركة السيارات المصرية بالتعاون مع شركة NSU الألمانية عام 1959 وكان للشركة الألمانية حوالي 50% من أسهم الكيان الجديد. وأسس مصنعا بالقرب من أهرامات الجيزة لتجميع سيارات الشركة الجديدة. كان الموديل الأول معروفا بإسم "طراز الخدمة العامة" أو "رمسيس يوتيليكا" .
إعتمد الموديل على NSU برينز 30 وكان الشكل الخارجي يشبه موديل فولكس فاجن كوبل فاجن الشهيرة ولكنها كانت تأخذ شكلا مربعا نظرا لعدم توافر الآلات الحديثة التي يمكن بواسطتها تشكيل المعادن بأشكال أكثر انسيابية. كانت السيارة مربعة عن موديل برينز ورب ضرة نافعة، فقد ساهم ذلك في توفير مساحات أكبر لصندوق الأمتعة الأمامي. كان الموديل بسيطا جدا ولهذا كان من الممكن إزالة النوافذ وطي السقف. كانت العناصر الوحيدة المطلية بالكروم في مقدمة ومؤخرة السيارة.
قوبل الموديل الأول بضجة هائلة وتم الترويج للموديل كما ذكرنا بأنه أول سيارة تنتج في أفريقيا وبدأت الإعلانات تروج للسيارة بأنها "حققت نجاحا ساحقا ووفرا كبيرا". والواقع أن تصميم هذا الموديل المكشوف كان قبيحا جدا لدرجة تجعل من يركبها يخجل من أن يراه أحدا خلف عجلة قيادتها ولكنها كانت سيارة إقتصادية جدا من حيث تكاليف التشغيل التي لم تتجاوز 3 مليمات لكل كيلومتر كما كانت المقصورة ذات مساحة معقولة تكفي لخمسة أشخاص. وساعدت الأبعاد المعقولة على سهولة المناورة داخل شوارع المدن. أما سعرها فكان جيدا ولم يتجاوز 570 جنيها للنسخة المكشوفة. وكان الموديل سريعا أيضا حيث وصلت سرعته القصوى إلى 120 كيلومترا في الساعة. وعلاوة على ذلك كانت قطع الغيار متاحة و بأسعار معقولة . فعلى سبيل المثال لم يتعد سعر الرابريز الأمامي جنيه ونصف فقط. أما العيوب فأولها سرعة التعرض للصدأ بالإضافة إلى الصوت المرتفع للمحرك المثبت في الخلف والذي كان يعمل بتبريد الهواء.
لم يستمر الأنتاج كثيرا حيث قام الرئيس جمال عبد الناصر بالإعلان عن القرارات الإشتراكية في يوليه 1961 وترتب عليها تأميم الشركة التي صارت جزءا من شركة صناعة وسائل النقل الخفيف. وبعدها أعلنت الشركة الجديدة أنها تنوي زيادة إنتاجها إلى 10 آلاف سيارة سنويا وهو ما لم يتحقق.
في عام 1963، إنضم موديل "رمسيس ليموزين" إلى منتجات الشركة وكان يعتمد على السيارة NSU Prinz IV. كانت السيارة ذات سرعة معقولة بلغت 116 كيلومترا في الساعة. وفي عام 1966 تم طرح موديل ثالث سمي "جميله" وكان موديل رياضي ببابين يبدو كنسخة مقلدة بشكل ردئ من إحدى طرازات موديل فيات 600.
في عام 1967 توقف إنتاج رمسيس بالكامل وخلال ثماني سنوات كان الإنتاج الإجمالي للشركة قد بلغ 1700 سيارة فقط. ولم يكن هناك ما يفسر هذا الإنتاج الضعيف سوى قلة المبيعات وعدم جودة السيارات المنتجة في المصنع الذي وصفته بعض المصادر الأجنبية بأنه كان بدائيا كما أن متوسط الإنتاج اليومي لم يتجاوز سيارتين أو ثلاثه في أحسن الأحوال خاصة وأن معظم العمل كان يتم يدويا. بالطبع جعل ذلك من إمكانية تحقيق أرباح في حكم المستحيل.