مهمة صعبة!
اسمها الكامل هو "كايزر دارين 161 Kaiser Darrin".. السيارة الرياضية التي ظهرت كاختبارية عام 1952، ثم وُلدت عام 1954 كطراز تجاري، وكانت تلك هي السنوات القليلة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث مصانع السيارات تنفض عنها دمار الحرب ورماد نيرانها، وتحاول استعادة توازنها واستكمال مسيرتها أو البدء من جديد، وعلى حين أعادت شركات كبرى -مثل فورد وشيفروليه- إنتاج طرازات ما قبل الحرب، قدمت صانعتها شركة "كايزر موتورز Kaiser Motors " الأمريكية طرازات جديدة وتصميمات أنيقة مميزة حصلت هي على أحدها؛ لتكون قادرة على القيام بالمهمة الصعبة التي صُنعت من أجلها، وهي البدء مع طرازات أمريكية شهيرة في منافسة السيارات الأوروبية التي كان يتم استيرادها وبيعها في الولايات المتحدة بعد الحرب..
ثقة الجميلات
كجميلة تثق بجمالها وأناقتها أطلت "كايزر دارين" بتصميم "هوارد دارين Howard Darrin" الذي حصلت على نصف اسمها من اسمه، حيث منحها خطوطًا انسيابية وجسمًا مصنوعًا من الألياف الزجاجية جعلها تزهو بخفة وزنها، بالإضافة إلى مقدمة طويلة رشيقة تميزها مصابيح دائرية، وتنقسم إلى ثلاثة أجزاء بارزة تبدأ من أمام الزجاج الأمامي وتنساب كما لو كانت تتسابق أيها يصل إلى حافة غطاء المحرك أولاً، لينتهي الجزء الأوسط منها بشبكة صغيرة فضية لامعة، يصنع بريقها تناغمًا مع بريق المصابيح والمصد..
يقف بينك وبين الدخول إلى المقصورة بابان مميزان ينفتحان بحركة منزلقة نحو مقدمة السيارة، لكن كلاً منهما يختفي داخل جيب خاص يبدو كما لو كان يبتلعه، ولن يخرجا إلا حين تجذبهما لينغلقا.. في الداخل اكتست كافة التفاصيل بجلد أحمر متوهج، وحتى الأرضية غطتها مفروشات حمراء، فقط احتفظت عجلة القيادة بتعقلها ورفضت التخلي عن لونها الأبيض، هي واللوحة التي تحمل العدادات الدائرية ذات الحواف الفضية..
حصلت دارين على محرك كان قادرًا على توليد 90 حصانًا -وهو رقم ضئيل حتى بمقاييس ذلك العصر، فشيفروليه كورفيت مثلاً المنتمية لنفس فئتها والتي انطلقت في نفس التوقيت تقريبًا زودت بمحرك كان قادرًا على توليد 150 حصانًا، وقد اتصل محرك "دارين" بناقل حركة يدوي ثلاثي السرعات.
نهاية حزينة
طرحت "كايزر موتورز" سيارتها بحوالي 1500 دينار، وهو سعر تجاوز طرازات فاخرة وقتها -مثل كاديلاك 62 ولينكولن كابري، كما كان أداؤها أقل من طرازات أوروبية تم استيرادها إلى الولايات المتحدة، لكن تلك لم تكن مواطن قصورها الوحيدة؛ فتصميم أبوابها غير المعتاد جعل فتحة الدخول والخروج إلى ومن المقصورة ضيقة، فكان يسبب الإحراج لراكبيها، واجتمعت تلك الأسباب لتجعل مبيعات السيارة بطيئة ومنخفضة، حيث بيعت منها 435 نسخة فقط على حين كانت آمال صانعتها منعقدة على بيع 1000 نسخة في العام، وأدى ذلك إلى توقف إنتاجها بعد أن تراكمت النسخ غير المباعة في المصنع ولدى الوكلاء.
------
رغم تلك النهاية غير المتوقعة لسيارة جميلة، فإنها عادت مؤخرًا للظهور من جديد على موقع "إي باي ePay" الشهير، وقد قُدر ثمنها بحوالي 40.000 دينار! وهو ما يخبرنا أن الزمن أحيانًا يزيد قيمة الأشياء بشكل غير متوقع، لكن ذلك لن يقدم عزاءً من أي نوع لهنري كايزر مؤسس كايزر موتورز، الذي شاهد بنفسه تلك النهاية الحزينة لسيارته.