ليست مرآة!
صحيح أن التكنولوجيا الجديدة يُطلق عليها المرآة الذكية، لكنها في الحقيقة ليست مرآة، بل هي ببساطة عبارة عن كاميرا عالية الدقة مثبتة أعلى الزجاج الخلفي لتنقل ما يدور خلف السيارة، ويتم عرضه بوضوح على سطح مرآة الرؤية الخلفية المثبتة أمام السائق، أو على شاشة عرض خاصة تستقر على لوحة القيادة في مجال إبصاره.. لكن تلك التكنولوجيا ليست إجبارية؛ فإذا كنت ترغب في العودة إلى استعمال مرآتك العادية، يمكنك أن تفعل ذلك ببساطة بمجرد ضغطة زر يكمن وراء إطارها، حينها سيتم التحويل من استخدام المرآة الذكية إلى استخدام تلك التقليدية..
بين المميزات والعيوب
يهدف التطور التكنولوجي على مر العصور إلى تيسير حياة البشر والحفاظ على سلامتهم، وتلك التكنولوجيا الجديدة ليست استثناءً، فهي تحمل مزايا متعددة تخدم هذين الهدفين؛ فبالإضافة إلى الدقة في نقل المشهد الخلفي والوضوح في عرضه، فإنها تكشف النقاط العمياء التي تعجز المرآة العادية عن اكتشافها ونقلها لقائد السيارة، وهي تلك النقاط التي تكون في كثير من الأحيان سببًا في اصطدام السيارة بسيارة أخرى خلفها أو بأحد المشاة.. كذلك فإن طوال القامة الذين يجلسون على المقعد الخلفي لن يضطروا لإحناء رؤوسهم وأنت تراقب الطريق خلفهم، كما لن تشكل بالونات أطفالك المرتفعة في فضاء السيارة عائقًا أمام رؤيتك؛ فالكاميرا تنقل إليك ما يدور في الخارج دون أن يؤثر الداخل على أدائها..
وفيما يتعلق بوضوح الرؤية رغم العوائق، فحتى في الأوقات التي يعتبرها قائدو السيارات أوقاتًا تصعب فيها الرؤية -مثل وقت شروق الشمس وغروبها وحين يبهر قائد السيارة الموجودة خلفك عينيك بإضاءته العالية- لن يتأثر مدى دقة ووضوح رؤيتك للطريق..
وبعيدًا عن تلك المميزات المتعددة، فإن المرآة الذكية ككل الابتكارات الجديدة تواجهها نقاط سلبية سيتم –بالتأكيد- تلافيها مع الوقت، وأهمها افتقارها للعُمق الذي توفره المرآة التقليدية للمشهد المنعكس عليها، ويرجع ذلك إلى طبيعة عدسة الكاميرا التي تنقل الصور مسطحة، بينما المرآة العادية تكون محدبة يمكنها إضافة شعور العمق إلى ما تعكسه.. تفيد تجربة سيارة مزودة بتلك التكنولوجيا أن افتقاد شعور العمق هذا قد يسبب إرباكًا لقائد السيارة في البداية، وهو الذي اعتاد لسنوات طويلة على صورة معينة يراها في مرآته، لكنه سرعان ما يعتاد الصورة المسطحة الجديدة، لتصبح هي المألوفة بالنسبة له.
- - - - - -
لن يقتصر تواجد المرآة الذكية على مرآة الرؤية الخلفية فقط، بل إن شركات صناعة السيارات تخطط للتخلي عن المرايا الجانبية كذلك لصالح الكاميرات عالية الدقة شديدة الوضوح، التي لا يعوقها شيء عن أداء وظيفتها، فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه تغيرًا واضحًا في تصميمات السيارات؛ نتيجة استغنائها عن مراياها الجانبية؟ يبدو أن هذا اليوم قد أصبح قريبًا.