خمسة نجوم تتحكم في أمان الجالسين خلف عجلات قيادة جميع السيارات التي تنطلق حول العالم، وتقرر ترتيب سيارة ما على سلم الأمان، وتتدخل في اختيارك لنوع سيارتك القادمة وربما جميع سياراتك طوال حياتك، تمتزج وتتداخل مع مواصفات تضعها منظمات يهمها أمر سلامتك، وبالتأكيد ستكون مطمئنًا حين تعلم أن هيئةً ما تبعد عنك آلاف الكيلو مترات يهمها أن تحافظ على أمانك وأنت تجلس في سيارتك، ويهمها أن تتجاوز السيارة التي تقودها المحك الحقيقي لأمانها على الطريق.. نجوم ومنظمات واختبارات نتعرف عليها خطوة بخطوة بعد الفاصل..
عالم منظمات
لا يُترك أمر اختبارات السلامة لشركات السيارات، بل تتولاه منظمات معينة معروفة تغطي كل منها جزءًا من أجزاء العالم، ففي أستراليا يتولى (برنامج تقييم السيارات الجديدة الأسترالي Australasian New Car Assessment Program) هذا الأمر، ويسمى اختصارًا (آنكاب ANCAP)، وقد تأسس عام 1993 ليقوم باختبار تحطم السيارات ونشر النتائج لصالح المستهلكين.. بينما في أوروبا نجد (Euro NCAP) ومقرها في بلجيكا، وقد تأسست عام 1997، وفي الولايات المتحدة يقوم نفس البرنامج بنفس الدور وتديره (الإدارة الوطنية للسلامة على الطرق السريعة National Highway Traffic Safety Administration)، التي تعتبر جزءًا من وزارة النقل الأمريكية، أما في أمريكا اللاتينية فقد تأسس عام 2010 فرع لبرنامج تقييم السيارات الجديدة يختص بالقارة اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وعلى حين يتخصص كل فرع من برنامج التقييم بمنطقة معينة من العالم، تعتمد بعض المناطق الأخرى –ومن بينها المنطقة العربية- على التقييمات الأوروبية أو الأمريكية، فهل نأمل في إيجاد فرع عربي لبرنامج تقييم السيارات الجديدة؟
كيف نقرأ النجوم؟
عن نجوم اختبارات سلامة السيارات نتحدث، وهي التقييم المعتمد دوليًا لتحديد مستوى سيارة ما على سلم الأمان، وتخبرك إذا ما كانت سيارتك آمنة حقًا أم مجرد حصن ورقي يتمزق عند أول مواجهة..
يمكننا قراءة تلك النجوم ببساطة؛ فأعلاها خمسة نجوم وأقلها نجمة واحدة، ويعكس عدد النجوم الذي تحصل عليه السيارة كيفية أدائها في الاختبارات، وجدير بالذكر أنه ليست كل السيارات الجديدة تخضع لتصنيف النجوم، فقد تمتلك الحد الأدنى من المتطلبات القانونية للسلامة، كما أن حصول سيارة ما على عدد نجوم منخفض لا يعني أنها "ليست آمنة"، بل يعني أنها "أقل أمانًا من منافسيها الحاصلين على نجوم أكثر".. ولتضمن أعلى مستوى ممكن من الأمان للسيارة التي تنوي امتلاكها عليك البحث عن أحدث تصنيف، وعدم الاكتفاء بتصنيف يعود لسنوات سابقة؛ فقد تحصل سيارة في وقت ما على أربع أو خمس نجوم، وينخفض التصنيف في العام الأحدث لثلاث نجمات أو اثنتين أو أقل..
5، 4 نجوم تعني أن أداء السيارة جيد بشكل عام في الحماية من حادث تحطم، ومجهزة بتكنولوجيا تجنب الاصطدام القوي، و3 نجوم تعني حماية جيدة إلى متوسطة للركاب مع تكنولوجيا ضعيفة في تجنب الاصطدام، أما حصول سيارة على نجمتين فيعني حماية ضعيفة للركاب وافتقار لتكنولوجيا تجنب الاصطدام، ونجمة واحدة تعني حماية هامشية من التحطم.
نقطة التقاء
صُممت اختبارات برنامج مراقبة السيارات الجديدة بطريقة مبسطة لتحاكي الحوادث الحقيقية، بدايةً من تلك التي تؤدي لجروح تتفاوت في شدتها، وانتهاءً بتلك التي قد تودي بحياة قائد السيارة وركابها، وهي تتنوع بحسب المكان المفترض أن تصيبه الصدمة في جسم السيارة، وبعضها يقيس أثر الحادث على المشاة أيضًا وليس على قائد السيارة وركابها فقط، وتعتبر تلك الاختبارات نقطة التقاء علم التشريح بعالم السيارات؛ حيث يُقاس أثر كل حادث على جزء معين من جسم الإنسان بشكل دقيق، وتحتل مقعد القيادة دمية لها نفس مقاييس الإنسان التشريحية..
-اختبار التصادم الأمامي
يعد التصادم الأمامي أكثر أنواع الحوادث التي تؤدي لوقوع قتلى شيوعًا، وتنقسم اختباراته إلى نوعين، الأول اختبار التداخل المعتدل، وفيه تتحرك السيارة بسرعة 60 كم/س باتجاه حاجز من الألومنيوم بحافة ذات نتوء وارتفاعه 60 سنتيمترًا، والقوة الناتجة عن الاصطدام تماثل تلك التي تنتج عن اصطدام سيارتين تسير كلتاهما بسرعة 60 كم/س.. المطمئن أنه حين بدأ ذلك الاختبار في منتصف تسعينيات القرن العشرين كان أغلب السيارات يحصل على تصنيف ضعيف أو هامشي فيه، أما اليوم فكلها تقريبًا تحصل على تصنيف جيد.
الاختبار الآخر هو اختبار التداخل الصغير، وفيه تتم محاكاة ارتطام الزاوية الأمامية للسيارة بجسم صغير مثل شجرة، وهو ما يمثل تحديًا لحزام الأمان والوسائد الهوائية، وفيه تندفع السيارة بسرعة 60 كم/س باتجاه حاجز طوله 1.5 متر.
اختبار الاصطدام الجانبي
قد يبدو مثيرًا للفزع أن نعرف أن حوادث الاصطدام الجانبي تتسبب في ربع وفيات حوادث السيارات سنويًا، ويعتبر امتصاص أثر تلك الحوادث تحديًا كبيرًا لشركات السيارات؛ لصغر المساحة الجانبية المتاحة لتأمين الركاب بعكس المقدمة والمؤخرة، لكن أمكن التغلب على ذلك حديثًا بوسائد هوائية جانبية وتدعيم جوانب هيكل السيارة..
يقوم الاختبار على اندفاع هيكل سيارة يماثل سيارة SUV وزنها 1400 كجم نحو جانب السيارة المراد اختبارها، وذلك الاندفاع يتم بسرعة 50 كم/س، ويتم وضع دميتين تمثلان امرأة وطفلاً يبلغ من العمر 12 عامًا؛ وذلك لأن النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بجروح خطيرة في الرأس إثر الاصطدام الجانبي، كما أن الركاب قصار القامة –كالأطفال- تتلامس رؤوسهم في ذلك النوع من الحوادث مع حواف السيارة المصطدمة بهم، ما يعرضهم لخطر الوفاة.
اختبار قوة السقف
يتوفى الآلاف حول العالم في حوادث تدحرج السيارات بعد اصطدامها، وهو ما يعني أنه للحد من تلك الوفيات ينبغي منع التدحرج، وهو ما يقوم به نظام التحكم الإلكتروني في الثبات الذي أصبح تجهيزًا قياسيًا في السيارات الآن، وفي حالة الانقلاب تساعد الستائر الهوائية الجانبية وأحزمة الأمان في تقليل الآثار القاتلة، ومع ذلك ينبغي أن يكون السقف قويًا بما يكفي ليمنع سحق رؤوس الركاب عند انقلاب السيارة..
وفي اختبار قوة السقف تُدفع لوحة معدنية ضد جانب واحد من سقف السيارة المراد اختبارها بسرعة بطيئة ثابتة، وتلك القوة بالنسبة لوزن السيارة تسمى "نسبة القوة إلى الوزن"، وقياس تلك النسبة قبل تحطم السقف تمامًا بمقدار 12 سم هو مدى قوة السقف، وهو ما يعني أنه إذا كانت نسبة القوة إلى الوزن تساوي 4، فذلك معناه أن السقف يحتاج إلى قوة تماثل 4 أمثال وزن السيارة لينسحق تمامًا.
اختبار مساند الرأس
يتعلق الأمر بالهندسة حين نتحدث عن مساند الرأس؛ حيث يتطلب قياسات وأبعادًا معينة للمسافة بين مؤخرة الرأس والمسند، وتحديدًا ينبغي أن تكون حافة مسند الرأس العلوية في ارتفاع مركز مؤخرة الرأس، أو أن تكون المسافة بين حافته العلوية وقمة الرأس لا تزيد ولا تقل عن 8 سم، وفي الاختبار يتم قياس تلك الأبعاد بدقة وتحريك ما يشبه مقعدًا متحركًأ تجلس عليه دمية تمثل إنسانًا، مع تطبيق فرملة مفاجئة واصطدام مفاجئ؛ لمعرفة أثرهما على عنق ورأس الدمية.
تلك باختصار غير مُخل أهم الاختبارات التي تعتمد عليها تصنيفات السيارات من حيث الأمان والسلامة، وهو ما يعني –حرفيًا- أن سلامتك وسلامة كل من يفكر في قيادة أو ركوب سيارة تقع بين خمسة نجوم، فهل تفكر في معرفة موقع سيارتك بين تلك النجوم؟ هذا الموقع يخبرك بذلك: