على قطبي مغناطيس
اشتق ماجليف اسمه من الاسم الإنجليزي للمغناطيس "Magnetic"؛ وذلك لكونه يعتمد على المغناطيس لتوليد قوتَي رفع ودفع تحققان الحركة دون اتصال مع الأرض، وبالتالي تقليل الاحتكاك لحد كبير مما يسمح له بالانتقال بسرعات عالية جدًا.. وليمكنك أن تتخيل آلية العمل تلك بشكل مبسط يمكنك أن تمسك بين أصابعك بقطعتَي مغناطيس متقابلتين على القطبين المتشابهين، وستجد أن القطعة السفلية تدفع القطعة العلوية للأعلى وللأمام في الوقت نفسه، وذلك دون أي احتكاك بينهما..
يمتاز القطار المغناطيسي بشكل عام عن غيره من القطارات ذات العجلات بكونه أكثر هدوءًا وسلاسة؛ نظرًا لاستغنائه عن الاحتكاك بقضبان معدنية تصدر ضجيجًا، كما أنه أسرع مما يوفر الكثير من الوقت ولا يتأثر بالظروف الجوية التي قد تعوق القطار الذي ينطلق على عجلات، وعلى حين تتكلف القطارات التقليدية أقل من ماجليف في إنتاجها، فإن ماجليف يكلف أقل في صيانته مما يجعله اقتصاديًا على المدى الطويل.
البداية
على عكس ما قد يظنه الكثيرون من حداثة عمر ماجليف، فقد مُنحت أول براءة اختراع عنه لعالم ألماني في الولايات المتحدة عام 1905! وتوالت برءات الاختراع بعد ذلك، ليتحول القطار المغناطيسي إلى صورته التي يعرفها العالم اليوم، والتي تختصر المسافات وتوفر الوقت، وقد تواجد في دول متعددة من بينها الولايات المتحدة والصين وإيطاليا وأستراليا، واليابان التي نتحدث عنها اليوم..
تمتلك اليابان اثنين من القطارات المغناطيسية تعمل على تطويرهما، أولهما هو HSST الذي تشرف عليه الخطوط الجوية اليابانية، وقد بدأ تطويره عام 1974 وتبلغ أقصى سرعة مسجلة له الآن 300 كم/س، أما الآخر فهو SCMaglev التابع لشركة سكك الحديد المركزية اليابانية، وقد بدأ تطويره عام 1969 وتبلغ سرعته حاليًا 517 كم/س، وهي سرعة هائلة إذا عرفنا أن قطار ماجليف شنغهاي الذي يعد القطار التجاري الأسرع على الإطلاق تبلغ سرعته القصوى 430 كم/س.
رقم قياسي
في الوقت الذي قد تستغرقه لقراءة هذه الجملة –والذي قد يبلغ 10 ثوانٍ- يكون قطار ماجليف التابع لسكك حديد اليابان قد قطع مسافة 1.6 كم، حيث سجل رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا منذ أيام قليلة على مسار تجريبي في يامانشي، لتبلغ سرعته 603 كم/س، وهي أعلى سرعة مسجلة عالميًا لقطار من هذا النوع، وبعد أن انتهى ماجليف من الانطلاق بسرعته القصوى لم يتمالك الموجودن أنفسهم فانفجروا بالتصفيق تلقائيًا؛ حيث اعتبروا ذلك الرقم خطوة جديدة تقطعها اليابان على طريق المستقبل، وقد بلغ الرقم القياسي السابق 581 كم/س وحققه قطار ماجليف ياباني آخر عام 2003، بينما تبلغ سرعة أسرع قطار ماجليف في الولايات المتحدة 242 كم/س.. ولأن القطارات المغناطيسية تعتمد –كما ذكرنا- على قوتي الرفع والدفع، فإنها لا تستخدم المسارات المعدنية بل تطفو على ارتفاع حوالي 10 سنتيمترات.. هل تتخيل قطارًا يطفو ولا يحتك بالأرض؟ كيف ستكون حركته هادئة وناعمة؟
--------
قامت شركة السكك الحديدية اليابانية باختبار قطارها؛ لتتمكن من ضبط أفضل سرعة تشغيلية تناسب انطلاقه على المسار المخطط له بين طوكيو وناجويا، ومن المقرر أن يبدأ انطلاقه الفعلي عام 2027، ويمكنك عزيزي القارئ أن تتخيل مدى سرعته حين تعرف أن الرحلة بين المدينتين تستغرق 5 ساعات بالسيارة، بينما يقطعها هو في 40 دقيقة! هل تدرك الآن لماذا تقدم اليابانيون في طريق الحياة رغم نكباتهم؟ لأنهم قدروا قيمة الوقت وعرفوا كيف يستغلون العلم فيما ينفعهم وينفع البشر.
بعد انتهاء فعالياته.. أبرز تطبيقات شركة Valeo في معرض باريس للسيارات 2024
