كثيرون يفضلون الدراجات ويجيدون قيادتها، والبعض الذين لا يعرفون كيف يحفظون توازنهم عليها يبتهجون لمرآها؛ فهي –في النهاية- علامة الصحة وصديقة الهواء النقي.. لكن تلك الدراجة التي نتحدث عنها لن تسعد رؤيتها أحدًا، اللهم إلا علماء الحفريات وهواة أفلام الرعب!
دراجة أم هيكل عظمي؟
يبدو تصميم تلك الدراجة غريبًا إلى حد كبير؛ فأول ما يطالعك منها مقدمتها التي تحمل رأسًا عظميًا ذي قرنين كبيرين لبقرة، بفك مفتوح يكشف عن بقايا أسنان وتجويفين كانت تحتلهما عينا ذلك المخلوق، بينما مثلت القائمتان الأماميتان له جزءًا يصل بين هيكل الدراجة وعجلتها الأمامية! جسم الدراجة نفسه لا يقل غرابةً ولا رعبًا عن مقدمتها؛ فهو عبارة عن عظام منطقة الصدر والبطن لدى البقرة، ويتدلى من أسفله البدالان اللذان يحركهما قائد الدراجة ليمنحها طاقة حركية، ويستقر في نهاية تلك العظام مقعد صغير بني اللون سيستقر عليه صاحب القلب الجريء الذي يقود الدراجة، وينسحب خلفه جزء عظمي آخر هو الجزء الخلفي من هيكل البقرة..
وقبل أن تتساءل عزيزي القارئ عن عظام القائمتين الخلفيتين، سأخبرك أنها قد انثنت وتحولت إلى جزء يمتد للخلف نحو العجلة الخلفية، أما إذا كنت تنتظر مزيدًا من التفاصيل حول صانع تلك الدراجة المرعبة، والسبب الذي دفعه لذلك، فعليك أن تنتقل إلى السطور التالية.
فلسفة وفن
مصمم ومنفذ تلك الدراجة الغريبة هي الفنانة الأمريكية بيلي جريس لين BILLIE GRACE LYNN، التي درست الفلسفة والنحت وتعمل كأستاذ مشارك في النحت في جامعة ميامي، ولم تكتف بدراجة كهربائية تحمل عليها ذلك الهيكل العظمي، بل نفذت نموذجًا آخر لدراجة نارية شبيهة بدراجات هارلي ديفيدسون الشهيرة يستقر عليها هيكل عظمي مخيف.. انعكست دراستها للفلسفة على أعمالها الفنية، حتى إنها حين صنعت دراجة Mad Cow كانت تعكس فلسفتها الخاصة، التي تؤكد على أن العمل الفني الجيد يجب أن يلهم الحواس وينبهها للتفاعل مع الطبيعة من حولها.. ليس ذلك فحسب، بل إنها تعبر بتلك الدراجة عن رؤيتها لعلاقة الإنسان مع البترول ومشتقاته، الذي تكون من الحيوانات التي ماتت وغطتها الطبقات الأرضية عبر ملايين السنوات..
ورغم إني تعلمت احترام الآخرين مهما بدوا مختلفين أو ذوي أفكار غريبة، إلا أن عقلي الآن لا يفكر إلا في اللحظة التي أجد فيها نفسي وجهًا لوجه مع تلك الدراجة على الطريق.. يا لها من لحظة مرعبة!