حجم الخط:
ع
ع
ع
فى عام 2003 قمنا بعمل إستقصاء داخل مجلة عالم السيارات إثناء فعاليات معرض اوتوماك للتعرف على ابرز العوامل التى تتحكم فى قرارات الشراء عند المستهلك المصرى . شارك فى هذا الاستقصاء حوالى 16 الف شخص من زائرى المعرض . ولم يقتصر الاستقصاء على دوافع اختيار العلامة التجارية فحسب ولكن طرحنا كماً هائلاً من الخيارات للتعرف أيضاً على التجهيزات الاكثر اهتماماً لدى المستهلكين .
أسفرت نتائج الإستقصاء عن العديد من المفاجأت التى تخالف الواقع الفعلي لسوق السيارات فى مصر .. حيث جاءات النتائج عكس اتجاه السوق فيما يتعلق بمبيعاته .. فمثلاً تصدرت العلامات التجارية الألمانية المقدمة .. رغم ان نسب مبيعاتها فى تلك الفترة لم تتجاوز حاجز ال 10 % من اجمالى مبيعات السوق .. فى حين ان العلامات التجارية الكورية تذيلت القائمة رغم ان علامة دايو الكورية وحدها كانت تستحوذ على حوالى 30 % من مبيعات السوق فى تلك الفترة . الامر الذى يؤكد ان رغبة المستهلكين فى مصر تسير فى اتجاه وقرارات الشراء تسير فى اتجاه اخر .
ولكن هل لو قمنا بعمل نفس الإستقصاء الان بعد إنصرام حولى حقبة ونصف من السابق له سوف نصل الى نفس النتائج ؟!
أظن ان النتائج سوف تختلف بنِسَبة لا بأس بها .. فى ضوء العديد من المتغيرات التى باتت تؤثر بشدة فى قرارات المستهلكين .. حيث كانت قيمة العلامة التجارية تستحوذ بنسبة كبيرة على رغبته .. ومن ثم إتخاذ قرار الشراء فى حال امتلاك القدرة .. لكن فى ضوء ما بات يتمتع به المستهلك من وعى وادراك بات اسم وتاريخ وسمعة الوكيل او ممثل العلامة التجارية من ابرز العوامل التى يعتمد عليها المستهلك .
وإذا تأملنا فى وضع السوق المصرى خلال الفترة المشار اليها سوف نكتشف مدى أهمية هذا العامل بدليل فشل علامات تجارية مع وكلاء رغم ما تتمتع به من مكانة على المستوى العالمي ونجاحها مع اخرين مثل علامة فورد الامريكية العريقة وعلامة كيا الكورية وعلامات نيسان وسوبارو وميتسوبيشي اليابانية .
والعكس صحيح هناك علامات تجارية تحتل إيضاً مكانة عالمية مرموقة وكانت تحتل نفس المكانة محلياً ولكن تدهورت أوضاعها بعد انتقال الوكالة مثل علامة بيجو التى استحوذت على عقول وقلوب المصريين فى عهد مؤسسها وربيبها العظيم الراحل وجيه اباظة ولكن اختلف الحال تماماً مع الوكيل الذى خلف الاباظية والذى لم يسجل نتائج تعزز استمراره وانتقلت الوكالة الان لوكيل ثالث .
وفى احيان اخرى لا يتغير الوكيل ولكن يتغير الهيكل الادارى مثل ما حدث مع علامة تويوتا اليابانية العريقة والتى يمثلها فى مصر شركة الفطيم الإمارتية عندما تحولت فى مصر الى شركة تويوتا ايجيبت أظن مع بداية الألفية الجديدة حيث سجلت الشركة منذ تأسيسها وحتى الان مبيعات قياسية بفضل العديد من عوامل التفوق ابرزها الاهتمام الشديد بخدمات ما بعد البيع وفى هذا الشأن لابد ان أذكر بالمجهود العظيم الذى قام به الراحل المهندس / مرسى ابراهيم رئيس قطاع خدمات ما بعد البيع فى تلك الفترة .
حتى العلامات التجارية الصينية لم تحظى بثقة المستهلكين فى مصر الا عقب تمثيلها محلياً من قبل اسماء من العيار الثقيل تملك التاريخ والسمعة والمهارة والامكانيات المادية .
وفى هذا الشأن اشعر بالحزن على علامات تجارية أوروبية يتبنى من يمثلوها فى مصر شعار " بيع قليل وأكسب كتير " كتير اوى .. ويتعرض مالكى هذه العلامات للذبح بشكل دورى فى مراكز الصيانة .. ومش مهم تثمين العلامة ولا رعايتها ولا اعلم سر صمت الشركات الام على هذا التدهور ؟! هل من المنطق ان تبلغ مبيعات هذه العلامات فى مصر 10 % كحد أقصى من مبيعات علامة رينو الفرنسية ؟! هل لنا ان نتخيل ان مبيعات علامة BMW فى مصر بلغت خمسة أضعاف مما تحققه هذه العلامات ؟! رغم ان علامة BM تخاطب فئة محدودة فى المجتمع والمشار اليها تخاطب فئات متعددة !!
بوجه عام عندى يقين بأن الظروف الصعبة الراهنة التى يمر بها سوق السيارات سوف تصب فى مصلحة المستهلك المحلى على المدى البعيد لأنها سوف تكشف بشكل اكثر وضوحاً عن مدى أهمية ودور الوكيل فى تثمين وخدمة ورعاية العلامة التجارية وبالتالى توضيح الصورة امام المستهلك حتى تقل عمليات التضليل او البيع على سمعة العلامة التجارية وعدم توفير الحد الأدنى من الرعاية لها .