بعد مرور أكثر من شهر على حملة مقاطعة السيارات بدأ عدد المنضمين للحملة يقترب من المليون وهو رقم لا يستهان به ويبين ما لسمته تلك الحملة من معاناة لدى الكثير من المستهلكين الذين تعرضوا للاستغلال من قبل البعض ولا يزال هذا الاستغلال مستمراً من البعض الأخر.
ولاقت الحملة استحسان كثيرين بعد أن وصفها بعض المسئولين كرد فعل شعبي، ولكن المشكلة الحقيقية التى تواجه الحملة هي ضرورة ضبط بعض التصريحات غير الدقيقة والتى قد تفقد تلك الحملة كثير من مصداقيتها فى المستقبل إن تبين عدم صحتها خاصة وأنه على الرغم من أن بعض الفواتير التى نشرتها الحملة للتدليل على الفارق بين تكلفة الاستيراد والضرائب على السيارة وبين السعر فى السوق كانت صحيحة إلا أن فواتير أخرى تبين عدم دقتها بعد أن أكد نائب رئيس جهاز حماية المستهلك أنه قام بالتدقيق فى أحدي تلك الفواتير وتبين عدم دقتها حيث كانت الفاتورة تخص مستوى معين للتجهيز فى حين كان السعر الذي ساقته الحملة يخص مستوى أخرى للتجهيز.
وقد يفسر البعض أن ذلك راجع لأن "خليها تصدي" حملة شعبية وأن كثيرين يشاركون فى تقديم ما لديهم، ولكن يتعين على القائمين على الحملة مراجعة وتدقيق كل ما ينشر لديها حرصاً على مصداقية الحملة.
ورغم التقليل من تأثير الحملة على حركة المبيعات فى السوق من قبل بعض الخبراء الذين ارجعوا سبب تباطؤ المبيعات إلى عوامل أخرى، إلا أنه من الإنصاف أن نقول أن لتلك الحملة تأثير بشكل أو بأخر على تلك الحالة.
وما يلفت الأنتباه طيلة تلك الفترة، أنه خلال شهر ظهر فيه كثير ممن تحدثوا بإسم الحملة والعديد من الخبراء وتجار السيارات، إلا أن الوكلاء – خاصة وكلاء السيارت الأوروبية – التزموا الصمت تماماً ولم تشهد البرامج الحوارية الشهيرة على الفضائيات ظهور أي منهم للرد على ما يسوقه الطرف الأخر من اتهامات ضدهم بالاستغلال والمبالغة فى الأسعار والاستفادة مادياً من إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية بدلاُ من أن يستفيد منها المستهلك، حيث أكتفوا بأن يقوم التجار وخبراء السيارات بهذا الدور.
أعتقد أن الوقت قد حان كي يخرج الوكلاء للناس لتوضيح الامر وعرض الحقائق وبيان وجهة نظرهم فيما يحدث وبشكل شفاف وموضوعي، لأن أستمرار الوضع كما هو عليه ليس فى صالح أحد بل سيعقد الأمور فى المستقبل، وحينها قد يكون من الصعب إصلاح الأمور.
أما من يطالب بتدخل الدولة لتسعير السيارات فالطلب يبدو غير منطقي بالمرة لتنافيه مع اقتصاديات السوق الحر، كما أن التسعير الجبرى لن يكون حلاً بل قد يؤدي ذلك إلى إعادة الأوفر برايس إلى السوق مرة أخرى.
تطالب الحملة بالسعر العادل وبأن يكون هامش ربح الوكيل معقولاً، وهي مطالب مشروعة، وربما سيتغير الموقف إن أوضح الوكلاء أن سعر السيارة ليس مجرد قيمة استيرادها والضرائب المستحقة عليها ولكن لن تتضح الصورة بشكل كامل إلا عندما يخرج الوكلاء من دائرة الصمت ويدفعون عن أنفسهم ما يكيله إليهم الطرف الأخر من اتهامات.