عجيب أمر سوق السيارات المصري، فمنذ سنوات ويعلم الجميع أن الجمارك على السيارات الأوروبية ستختفي بموجب اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية. ورغم تأجيل تفعيل الإتفاقية لأكثر من مرة إلا أن تنفيذها كان أمرأ حتمياً فى النهاية. ومع ذلك تعامل الجميع مع تلك الإتفاقية وكأنها هبطت من السماء وبدأ أن الجميع لم يكن مستعداً لها سواء وكلاء السيارات الأوروبية أو غير الأوروبية. وتبارى كثيرون للحديث عن تخفيضات هائلة تعيد أسعار السيارات لمعدلاتها قبل 10 سنوات، وهو أمر فى واقع الأمر لم يكن واقعياً.
لم نتعامل مع الأمور بموضوعية، ولا يمكن إلقاء اللوم على الجمهور الباحث عن سيارة جديدة ورخيصة، بل أن المأزق نفسه وقع فيه الكثير من الوكلاء الذين أكدوا أنه لا أحد يملك تصوراً للوضع بعد بداية يناير القادم. قالبعض توقع أن تفرض الحكومة رسوماً إضافية على السيارات الأوروبية وغير الأوروبية تعوض ما ستخسره من رفع الجمارك عن السيارات الأوروبية. ورغم ان كبار مسؤولي الحكومة نفوا بشكل قاطع حدوث ذلك، إلا أن البعض لا يزال يتشكك فى أن الحكومة ستعلن عن ذلك فى اللحظة الأخيرة مع دخول أتفاقية الشراكة الأوروبية حيز التنفيذ مع بداية يناير المقبل.
تلك الحالة الضبابية وأجواء البلبلة التى خلقتها التصريحات المتناقضة والأوهام التى تعامل معها البعض كأمر واقع بأن أسعار السيارات ستنخفض إلى النصف تسببت فى حالة من الركود بالسوق حيث يترقب المستهلك ما سيحدث خلال العام المقبل وما ستصل إليه أسعار السيارات أكثر من شهر من الآن.
الغريب فى الأمر أن البعض تناسى أن سعر السيارة يرتبط بشكل وثيق بعيداً عن الجمارك بسعر صرف الدولار الأمريكي واليورو، فماذا سيحدث لو أرتفع سعر الدولار واليورو وهو أمر فى علم الغيب؟ حتماً سترتفع الأسعار وقد تصل إلى معدلات أعلى من الأسعار الحالية. والمثير أنه رغم تقديم البعض لتخفيضات خلال الفترة الأخيرة إلا أن ذلك لم يعزز من المبيعات خلال الأسابيع الماضية، ظناً من البعض أن الأسعار ستهبط إلى مستويات أكبر من تلك التخفيضات الأخيرة.
تلك الحالة الضبابية الكل مسئول عنها سواء كان الوكلاء أو المستهلكين أو حتى الحكومة بسبب عدم الوضوح وبعض التصريحات التى تحمل أكثر من معنى. فبعض الوكلاء ومنهم كثيرون يعلمون أسعار السيارات الجديدة حتى فى حالة أرتفاعها من الجهة المصنعة وقيمة الأنخفاض فى الجمارك وغيرها من مدخلات التكلفة قاموا بحساب الأمر وربما وصل لتسعير موديلات العام القادم من العلامات أوروبية المنشأ وفضل أن تبقى الصورة ضبابية، ليبقى المستهلك حتى اليوم فى حيرة بشأن قيمة الأنخفاض فى السعر، إن حدث أنخفاض بالفعل.
توقعي أن السر سينخفض ولكنه لن يكون بهذا القدر الذى يتخيله البعض، فالفارق شاسع بين ما يتمناه المرء وبين الواقع على الأرض والذى يخضع لعوامل عديدة.
وبشكل عام نحذر من أن تلك الضبابية التى تخيم على السوق منذ أكثر من شهر قد تستمر حتى بعد بداية العام القادم، وهي بشكل عام تضر بسوق السيارات المحلي، ولهذا يتعين على الجميع الوضوح حتى يخرج السوق من هذا المأزق الذى قد يأتي بنتائج سلبية تضر بالجميع.