منذ يوم الجمعة الماضي، ولا حديث لمتابعي سوق السيارات فى مصر سوى عن رفع الدولار الجمركي وتأثيراته على أرتفاع أسعار السيارات التى هي مرتفعة بالفعل نتيجة تعويم الجنيه.
لا شك أن القرار سيضيف المزيد من الضغوط على الوكلاء والعملاء على حد سواء، وقد يؤدي لأنخفاض فى المبيعات والدخول فى حالة ركود جديدة تصيب حركة السوق بالضعف وتضع الوكلاء تحت ضغوط أكثر قسوة بين أرتفاع تكلفة السيارة بالفعل والرغبة فى تحريك المياه الراكدة بتقديم خصومات. والمؤكد أن الأمر لن يكون فى صالح أحد.
يبدو سوق السيارات اليوم كريشة فى مهب الريح بسبب أعتماده على الأستيراد الذي يمثل حوالي نصف مبيعات السيارات فى مصر.
وربما ستكون المحصلة النهائية لما يحدث اليوم هو أتجاه كثير من الوكلاء للتجميع المحلي بدلاً من الأستيراد، ويبدو ذلك خياراً مثالياً للكثيرين وله الكثير من الفوائد، فمن جهة سيؤدي ذلك لأنخفاض فى الاسعار بسبب أنخفاض الجمارك على مكونات الإنتاج وأنخفاض قيمة الدولار الجمركي عليها، ومن جهة أخرى سيؤدي إلى توفير فرص عمل وتقليل الطلب على الدولار الأمريكي فضلاً عن تأهيل كودار مدربة تتمتع بخبرات فى مجال صناعة السيارات.
قد لا يتطلب الأمر فى البداية إنشاء مصانع جديدة بل أستغلال الطاقات المعطلة للكثير من المصانع الموجودة فى مصر والتى نتمنى أن نراها تعمل بأقصى طاقة لها فى أقرب وقت.
الواضح أن وكيل كيا أستبق ما يحدث فى السوق اليوم وأعلن منذ فترة عن تجميع موديل كيا سورينتو محلياً فى مصانع الشركة المصرية الألمانية للسيارات EGA كي يمكنه المنافسة بقوة ولخفض سعر الموديل عن مثيله المستورد.
لا شك فى أن تشجيع الجميع على تجميع السيارات محلياً ينبغي أن يكون أساس إستراتيجية صناعة السيارات والتى ينبغي أن تسعى للوصول لنسبة مكون محلي كبيرة تفوق بكثير ما تطالب به الإستراتيجية الحالية. ولن يحدث ذلك سوى بتشجيع مصنعي مكونات السيارات أو ما نطلق عليه إسم الصناعات المغذية للسيارات والسعي لتصنيع المواد الخام محلياً بدلاً من استيرادها من الخارج لتعظيم الفائدة.
وسيكون الأمر رائعاً لو سعينا بشكل جدي لتشجيع المبتكرين والمميزين فى هذا المجال وتوطين التكنولوجيا مع تبني الدولة لمشروعات بحثية فى هذا المجال.
ولكن السؤال هل بدأت الحكومة بالفعل فى أتخاذ خطوات لتحقيق ذلك. قد تكون الإجابة صعبة، فقرار رفع سعر الدولار الجمركي قيل أنه يهدف إلى تعويض جزء من الأنخفاض فى الحصيلة الجمركية نتيجة رفع الجمارك عن السيارات الأوروبية. ولكن لا يمكن النظر لهذا القرار بمعزل عن تعليمات أصدرتها وزارة المالية للمنافذ الجمركية بتوحيد المعاملة الجمركية بين الأجزاء والسيارات الكاملة لمواجهة ما يقوم به البعض من استيراد السيارات الكاملة مفككة ثم تجميعها محليًا للاستفادة من التعريفة الجمركية المخفضة عليها.
وقال مستشار وزير المالية الدكتور مجدي عبد العزيز، إنه تم تشكيل لجنة لفحص العينات الواردة للمنافذ الجمركية للتفرقة ما بين المكونات التي تدخل في الصناعة والأجزاء التي بمجرد دخولها السوق المحلية يتم تجميعها والتعامل بها كمنتجات كاملة.
قد تكشف الأيام القادمة عن الكثير من التحركات فى إتجاه التجميع المحلي. وأتوقع أن يقدم على تلك الخطوة عدد من الوكلاء المحليين بالأتفاق مع الشركات الأم.