مع تطور السيارات اتجه التفكير إلى صناعة مكيف هواء السيارات، هذا الجهاز الذي يمنحنا النسيم البارد في قيظ الصيف، إنه ما يجعل من مقصورات سياراتنا أماكن مريحة ومحببة.. إنه على الرغم من بدايته كنوع من أنواع الرفاهية، إلا أنه أصبح -ومنذ زمن طويل- من أساسيات السيارة، حتى إننا اليوم لا نتصور طرازًا من طرازات السيارات خاليًا منه.. لكن المهتمين بالبيئة وشؤونها يدركون جيدًا أن استخدام مكيف الهواء كان له ثمن، وربما عرفنا مؤخرًا أنه كان باهظًا جدًا؛ فالغاز المستخدم فيه يعد من أكثر الأشياء تأثيرًا على المناخ، وطبقة الأوزون على وجه الخصوص.. عبر السطور التالية سنخوض غمار رحلتنا داخل أنابيب تحمل غازًا جديدًا قادرًا على منحنا النسائم، دون العبث مع الطبيعة..
حقائق علمية
منذ البداية استخدم صانعو أجهزة مكيفات السيارات غازًا يسمى "R134a"، وهو نوع من أنواع الغازات الخاملة التي لديها خاصية التبريد، إلا أنه ومع زيادة الاستخدام، وبعد العديد من الأبحاث التي جرت على تأثيرات هذا الغاز البيئية، بدأت تتعالى أصوات كثيرة –خاصةً في أوروبا والولايات المتحدة- رافضة لاستخداماته، خاصةً تلك المتعلقة بالسيارات، وهو ما دفع العديد من مراكز الأبحاث والشركات المصنعة للبحث عن بديل، إلى أن قدمت شركة "هانيويل وديبونت Honeywell and Dupont" بديلاً مناسبًا هو غاز يسمى "R1234yf"، يختلف اختلافًا كبيرًا عن سابقه؛ فتأثيراته على البيئة 400 مرة أقل، كما إنه أكثر أمانًا عند الاستخدام من حيث تجاوبه مع الضغط الجوي، وقابليته للاشتعال.
الألمان يعترضون
مع كل تلك المميزات، كان من الطبيعي أن تتوجه الحكومات إلى اتخاذ إجراءات من شأنها إجبار الشركات العاملة في مجال السيارات على استخدام نوع الغاز الجديد، إلا أن تكاليف تعديل خطوط الإنتاج، والمشكلات المتعلقة بعقود توريد الغاز القديم مع الموردين الخارجيين، دفعت الشركات الألمانية الكبرى –وعلى رأسها مرسيدس- إلى رفض الانصياع لتلك القرارات، حتى وصل الأمر إلى دخول الحكومة الفرنسية مع شركة مرسيدس-بنز في نزاع قضائي، بعد قرار الأولى بمنح الثانية مهلة لتغيير نوع الغاز المستخدم في مكيفات سياراتها، غير أن المحكمة الفرنسية سمحت في حكمها لمرسيدس بكسر قانون الاتحاد الأوروبي المفروض منذ عام 2012، والذي يقضي بضرورة تزويد السيارات الحديثة بمكيفات هواء تستخدم ذلك الغاز الجديد، حيث اعتبرته غير ملزم، وهو ما شجع الشركات الألمانية على عدم الالتزام بالاشتراطات الجديدة التي تلتزم بها باقي الشركات في أوروبا.
حلول بديله
على الرغم من أن الكثير من شركات السيارات مثل هيونداي، كيا، تويوتا، لكزس، نيسان، سوبارو، MG، فورد، رينو، ستروين ،بيجو، مازاراتي، تسلا، جاكوار، ولاند روفر، باتت تستخدم الغاز الجديد، إلا أن العالم الآن يتجه -خاصةً في العام الحالي- إلى فكرة استخدام النظام الغازي المختلط، وهو نظام يقوم على استخدام عدة أنواع مطورة من الغازات الخاملة غير الضارة، والتي تكون ذات تأثيرات قليلة جدًا على البيئة، وفي نفس الوقت غير مكلفة ماديًا.
-------
بالتأكيد لن يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالتطور التكنولوجي في المستقبل يخبئ لنا داخل سياراتنا الكثير من وسائل الراحة والاستمتاع، غير أن الأهم أن العالم قد تعلم الدرس مما سبق، وأصبح يعي أن العبث مع الطبيعة سيكلفنا أكثر بكثير من مجرد الشعور بالحر.