"خليها تصدي" .. شعار رفعه كثير من الشباب على الفيسبوك ولاقى رواجاً على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر فى العالم حيث انتشرت عشرات الصفحات التى ترفع هذا الشعار كحملة لمقاطعة شراء السيارات بسبب الأسعار التى تعد من وجهة نظر مدشنا تلك الحملات مبالغاُ فيها.
يعكس الانتشار السريع لتلك الصفحات والحملات والمجموعات على الفيس بوك حالة من الاستياء الشديد التى يشعر بها الكثيرين ممن رأوا أن التخفيضات الأخيرة على أسعار السيارات بعد إلغاء الجمارك على الطرازات ذات المنشأ الأوروبي جاءت دون التوقعات، وأنعكس الغضب الشديد لديهم على تعليقات قاسية تتهم الوكلاء والتجار بالجشع وأنهم باتوا لقمة سائغة أمامهم ، فكان رد الفعل عنيفاً.
ولأن ما جاءت من دعوات فى تلك الصفحات لاقت صدى لدى أغلب المنتمين للطبقة المتوسطة من الباحثين عن سيارة جديدة بسعر مناسب، كانت الاستجابة الواسعة لتلك الحملة التى تشتعل نيرانها يوماً بعد يوم حتى كادت أن تحرق الجميع بعد أن اختلط فيها الحابل بالنابل وصارت موضة على الفيسبوك. وأدرك القائمون على تلك الحملات أن لديهم سلاح قوي يمكن من خلاله توجيه رد قاس للجميع وهو المقاطعة. وبالمناسبة حملة خليها تصدي لم تقتصر على مصر بل شهدتها دول مغاربية أخرى أعتراضاً على أسعار السيارات المبالغ فيها. فما الذى أوصل الأمور إلى تلك النقطة؟
أولاً: جاءت التخفيضات على السيارات الأوروبية فى مجملها هزيلة ونحن هنا لا نتحدث عن سيارات بالملايين انخفضت بمليون جنيه بل عن سيارات ببضعة مئات من الآلاف أنخفضت أسعارها بعد إلغاء الجمارك ببضعة آلاف فكانت خيبة الأمل مدوية والغضب عارم.
ثانياً: تعامل بعض الوكلاء مع المستهلكين وكأنهم يعيشون فى عقد الثمانينيات وتناسى البعض أن العالم اليوم يعيش ثورة معلوماتية وأنه صار من الممكن معرفة السعر الحقيقي للسيارة قبل الرسوم وحساب تلك الرسوم لمعرفة السعر الفعلي للسيارة بعد التعديلات، وتبين للبعض أن هناك فرقاً بالفعل وإن كان طفيفاً فى بعض الأحيان إلا أن كثيرين نظروا لذلك على أنه أستغلال من قبل التجار لإلغاء الجمارك.
ثالثاً: باتت السيارات اليوم حلماً صعب المنال بالنسبة لشرائح واسعة كان فى مقدورها من قبل شراء سيارة جديدة ولكن مع الارتفاع الجنوني فى أسعار السيارات بسبب تعويم الجنيه واستغلال البعض للموقف لرفع السعر، وقلة العرض بالنسبة للطلب، سكب البعض البنزين على النار من خلال الأوفر برايس الذى رسخ لدى المستهلكين أن التجار يستغلون حاجتهم لشراء سيارة جديدة وزادت الهوة بين الطرفين حتى صارت الريبة وعدم الثقة هي الانطباع السائد لدى فئة كبيرة من المستهلكين، وبالتالى لم يقتنع البعض بأن التخفيضات الأخيرة هي تعبير واقعي عن إلغاء الجمارك.
رابعاً: رغم كونها خطوة ذكية من وكيل ميتسوبيشي أن يخفض سعر موديل أكليبس كروس بمبلغ فاق كثير من التخفيضات على السيارات الأوروبية نفسها، إلا أن هذا التخفيض جعل البعض يتشكك فى واقعية أسعار باقي الموديلات سواء الأوروبية أو غير الأوروبية فى السوق ورسخ لديهم أعتقاداً بأن الأرباح خيالية فى كافة السيارات.
خامساً: عدم وجود إطار ينظم العلاقة بين الوكيل أو التاجر من جهة والمستهلك من جهة أخرى سيجعلها حتماً مثار شد وجذب لا ينتهي بين الطرفين.
سادساً: أثيرت لأكثر من مرة إمكانية تحديد "الاستيكر برايس" وهو حل قد يضفى مزيد من الشفافية ويرسخ لعنصر الثقة بين الطرفين ولكن لا يزال البعض يصر على التعامل مع سعر السيارة وتكلفتها قبل الجمارك وبعدها كسر حربي رغم أن كثيرمن صانعي السيارات يعنون عن مكسبهم الفعلي فى كل سيارة ينتجوها.
سابعاً، توقعات أغلب خبراء السوق بأن مبيعات السيارات ستعاني حالة من الركود خلال الربع الأول من العام الجاري منح مطلقي حملات "خليها تصدي" مزيداً من الثقة فى قدرتهم على دفع الوكلاء للإعلان عن مزيد من التخفيضات.
ثامناً: تصريح مسئول حكومي بارز بأن الانخفاض فى أسعار السيارات بعد إلغاء الجمارك لم يكن كما كان متوفعاً، عزز من قناعة لدى المستهلكين بأن الأسعار ستشهد مزيداً الأنخفاضات، وبالتالي وجدت تلك الحملات أن الوقت مناسب لمزيد من الضغط للحصول على المزيد من التنازلات.
وأخيراً .. أعتقد بعد تلك الضجة الكبيرة التى أثارتها حملات المقاطعة وعزوف الكثير من المستهلكين عن شراء سيارات جديدة بسبب أرتفاع أسعارها حتى بعد التخفيض ولجوء البعض للمستعمل كبديل سيدفع الوكلاء لمزيد من التخفيضات لتحريك المياه الراكدة فى سوق السيارات المصري.