خلال السنوات الماضية، شهدنا الفوضى التى تجتاح سوق السيارات المصري بعد إصدار أي قرار خاصةً وأن الكثير من تلك القرارات كانت تأتي بشكل مفاجئ.
خذ مثال على ذلك قرار تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية وهو القرار الذى لم يكن مفاجئاً حيث ظهرت عليه الكثير من الدلائل ورغم ذلك تسبب وقوعه فى فوضى عارمة بالسوق وتضاعف أسعار السيارات بشكل جعل من شبه المستحيل على شريحة كبيرة من المصريين أمتلاك سيارة جديدة، على الرغم من أن سعر الجنيه قبل التعويم زاد على سعره بعد التعويم.
مثال أخر على تلك القرارات يظهر بشكل واضح فى أتفاقية الشراكة الأوروبية والتى تضاربت الأقوال فى إمكانية تطبيقها أو تأجيلها أوائل العام القادم وتم الإعلان بشكل نهائي وقاطع عن تطبيقها بالكامل منذ شهر، ورغم أن الإتفاقية كان من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ منذ عامين وتم تأجيلها إلا أنها تسببت فى حالة أرتباك وترقب بالسوق وأدت تلك الحالة إلى كساد فى أنتظار أنخفاض أسعار السيارات.
أما أخر القرارات فهو تحرير سعر الدولار الجمركي والذى أضاف للسوق متاعب جديدة ليلتهم فارق سعر الدولار الجمركي جزءاً كبيراً من الأنخفاض المتوقع فى أسعار السيارات الأوروبية بعد تطبيق إتفاقية الشراكة الأوروبية.
الجانب السلبي فى عدم وجود رؤية مستقبلية لدى القائمين لتجارة السيارات فى مصر رغم توقعهم لكثير من تلك القرارات يتمثل فى أنه يخلق حالة من عدم اليقين بالسوق تدفع أخرين إلى الإحجام عن الأستثمار بهذا النشاط أو ضخ أستثمارات جديدة من الوكلاء القائمين. والمؤكد أن هذا يؤثر سلبياً على التوسع فى هذا المجال الأقتصادي الحيوي، فتقل فرص العمل ويفكر المستثمر ألف مرة فى توسيع نشاطه لعدم وضوح الرؤية ولو فى المستقبل المنظور.
الحل بسيط كي يستعيد السوق توازنه وهو وضوح الرؤية والتخطيط السليم للمستقبل وهو ما سيجعل الأمر أفضل بكثير أمام الجميع، وسيمنح العاملين فى هذا القطاع فرصة لترتيب أوراقهم والسعي للخروج بحلول جديدة تنعش هذا القطاع بدلاً من أن يجدوا أنفسهم مضطرين للتعامل بشكل عشوائي مع كل قرار بعد أن يصدر، ودائماً ما يكون الضحية هو المستهلك. فالمشكلة فى مصر هو أن سوق السيارات يتعامل بطريقة رد الفعل وينتظر حتى اللحظة الأخيرة رغم تأكد بعض العاملين فى السوق إلى أن قرارات معينة ستظهر فى وقت معين، فلا يتم التعامل قبل ظهور القرار بل يبدأ التخبط بعد دخول القرار حيز التنفيذ.
المطلوب هو خريطة طريق أو رؤية للسنوات القادمة، يعرف جميع العاملين فى قطاع السيارات وجهه مصر بالنسبة لهذا النشاط حتي يمكن لهم وضع خطط أساسية وبديلة تسير وفقاً لتلك التوجهات. وفى تلك الحالة سيكون من السهل التقليل من أية أثار سلبية قد تنتج عن تلك القرارات، بل سيكون من السهل على الوكلاء والمستثمرين التخطيط لأستثماراتهم ولسنوات قادمة. والأمر ليس صعباً على الإطلاق، فكل فالمطلوب فقط هو وضوح الرؤية ولو لخمس سنوات قادمة.
ربما تكون تلك الرؤية واضحة لدى الحكومة أو وزارة التجارة والصناعة، ولكنها دون أدنى شك غير واضحة لدى العاملين فى قطاع السيارات. والدليل على ذلك تضارب أقوال العاملين في هذا القطاع مع كل قرار، ولهذا نؤكد على أن سوق السيارات المصري فى حاجة ماسة أكثر من اي وقت مضى إلى تنظيم.