للمرة الرابعة أتناول هذه الظاهرة التي تناوب على إثارتها كتاب وإعلاميون كبار، منهم -مع حفظ الألقاب- خالد أباظة في المصري اليوم، وتامر بشير في برنامج "دوس بنزين" على فضائية المحور وأيضًا عبر أثير إذاعة نجوم FM من خلال برنامج تيربو، وهشام الزيني من خلال برنامج "عربيتي" الإذاعي ..
وبالرغم من ذلك فإن ظاهرة السايس الذي يظهر فجأة كالعفريت على مدى الـ24 ساعة ما زالت تسيطر على كل شوارع مصر، بل إنها امتدت إلى الشوارع والحواري الجانبية.. وباتت هذه المهنة من الأعمال الحرة والجاذبة لفئة كبيرة من الشباب، لدرجة أن أحد الأصدقاء -والذي يعمل بإحدى شركات البترول- حكى لي رواية تعد بمثابة كوميديا سوداء، فقد اكتشف في إحدى المرات التي كان يبحث فيها عن مكان انتظار لسيارته أن السايس زميل سابق له في الجامعة، وعلى حين شعر هو بالخجل واجه زميله السابق الذي يعمل كسايس الموقف بشكل طبيعي جدًا، الأمر الذي دفع صديقي أن يعرض عليه الوساطة لتوفير وظيفة تليق بمؤهله الجامعي.. ولكن أخينا قابل العرض بضحك هيستري من منطلق أن الوظيفة لن تحقق له 5% مما يحققه حاليًا.. بل وأخبره أنه تلقى عروضًا بمبالغ مالية كبيرة نظير تركه هذه الساحة أو الشارع لأحد الأشخاص! يعني خلو رجل! ده على اعتبار انها أرض اللي خلفوه! هذا بخلاف ما يتمتع به من علاقات متميزة مع بعض أصحاب المناصب الحساسة الذين يشاركونه الجزية التي تُفرض على أماكن الانتظار!
هذه الرواية تعكس الواقع المؤلم الذي يعاني منه مالكو السيارات عندما يقعون تحت سيطرة جشع وبلطجة السايس الذي يبرر طلبه لمبالغ كبيرة بأنه يدفع مجبرًا لفلان وعلان.. وطبعًا فلان وعلان دول أصحاب مناصب حساسة وفقًا لتبريره، يعني بيفرضوا عليه مبلغ يومي ضخم نظير تركه يسترزق في هذا الشارع! والعهدة على الراوي!
يعني بمفهوم أمني قضية السايس من الوارد أن تكون متماسة مع قضية أخرى بناءً على ما يرويه معظم السياس! ومالك السيارة هو الذي يسدد الفاتورة والدولة التي تمتلك الأرض لا يدخل خزينتها مليم من هذه الأموال.. والشوارع باتت ملكًا للبلطجية يسيطرون عليها ويحددون تعريفة الانتظار وفقًا لجشعهم.. ويبدو أنهم يتمثلون بأغنية الراحل صلاح جاهين "الشارع لنا إحنا لوحدنا والناس التانيين دول مش من هنا".