لقد تعودنا كل مطلع عام جديد على قصة تشغلنا وتزيد من سرعة ضربات القلب وتشعل حالة الهري يكون ابطالها شركات السيارات والمستهلك المصري
كلنا نعلم جيدا ان جميع السلع بما فيها السلع ذو القيمة المرتفعة مثل السيارات تخضع الى معايير اقتصادية في تحديد قيمتها وأسعارها ويكون من العوامل الرئيسية في هذه الآلية العرض والطلب بالإضافة الى سعر الصرف حيث اننا نعتمد في المقام الأول على الاستيراد من الخارج سواء في السيارات كاملة الصنع او المكونات في السيارات المجمعة محليا. لقد حدث منذ بدء تعويم الجنيه خلال وحتى نهاية عام 2.18 زيادات مضطردة في أسعار جميع السلع بما فيها السيارات
ولكن في ظل زيادة الأسعار ومراحلها الأولى هرع كل من يحتاج الى سلعة الى شراءها حيث ان الزيادات كانت تحدث بشكل سريع ومتزامن مما خلق حالة من الطلب تفوق الطلب وبالتالي هذا ساعد على ولادة ظاهرة الاوفربرايس التي عانى منها المستهلك المصري.
ومع استقرار الوضع بعد التعويم ووصول الأسعار اعلى مستوياتها كان من الطبيعي ان ينخفض الطلب ويولد حالة من الاستنكار والعزوف نتيجة هذا السباق المجنون وهو ما حدث عام 2018
ومع مطلع عام 2019 بدآ تصحيح للوضع من قبل شركات السيارات وانخفاض في السعر لعدة أسباب أهمها:
أزاله الشريحة الأخيرة على السيارات الأوروبية والانخفاض التدريجي للدولار وبالتالي العملات الأخرى أمام الجنيه والمنافسة الغير متكافئة السيارات زادت المنشأ الغير أوروبي وتردى القدرة الشرائية للمستهلك المصري بعد التعويم.
دفعت هذه العوامل بشركات السيارات بتصحيح الأوضاع بعمل تعديلات سعرية نزولًا لتحقيق التوازن المطلوب.
الأمر الذي يدعو الى الدهشة والتعجب ان انخفاض الأسعار قوبل باستهجان وكأنه يحتاج الى تبرير والدفع بحجج قوية لأقناع الرأي العام وظهرت مرة أخرى المناقشات على الفضائيات والصحف لمناقشة هذه الظاهرة الكونية العجيبة التي تحتاج الى إيضاح وتفسير!!
انه من المتعارف عليه ان الطلب متلازم عكسيًا مع السعر فحين ينخفض السعر يزيد الطلب وبالعكس الا فى الحالات الشاذة التي لا تتأثر بهذه الآلية وتكون غالبًا في السيارات والسلع الفارهة جدًا
ولم نرى مثل هذا الجدل ودعوات المقاطعة في قطاع العقارات التي تشتعل فيه المنافسة والعروض الترويجية التي وصلت الى مستويات غير مسبوقة بفترة سداد حتى عشرة سنوات بدون فوائد بنكية وبدون دفعة مقدمة
ولكن ما يحدث في قطاع السيارات هو امر يحتاج الى نظرة أعمق. حين ينخفض السعر ولا يزيد الطلب بما يلزم، بعيدا عن مغالطات نظرية المقاطعة، هو ان القدرة الشرائية لم تلحق بعد بالمستويات الجديدة في شريحة السيارات التي يحتاجها المواطن العادي وهذا يبدو جليًا في حجم سوق السيارات الصغير جدا بالنسبة الى تعداد السكان.
ولكن هذا الوضع يقدم فرصة نمو للقطاع في السنوات القادمة مع معدلات نمو اقتصادي جيدة في حدود 5-6?? سنويًا وانتظام الإيقاع الاقتصادي والتجاري واعتياد العميل على انتهاز الفرص الجيدة للشراء حينما تكون متاحة.