يوم أمس أستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي ماركوس شيفر، عضو مجلس إدارة ورئيس قطاع الإنتاج بشركة "مرسيدس بنز" الألمانية لصناعة السيارات، وذلك بحضور السيد المهندس عمرو نصار وزير التجارة والصناعة.
وبعد اللقاء صرح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن السيد الرئيس أكد انفتاح مصر للتعاون مع شركة "مرسيدس بنز" في ضوء سياسة الدولة نحو التوسع في مجال صناعة السيارات، خاصةً في ظل الخبرة العريضة للشركة الألمانية في هذا المجال، مشيراً إلى اهتمام مصر ببحث فرص التعاون مع الشركة الألمانية في مجال تصنيع السيارات الكهربائية بفئاتها المختلفة، اتساقاً مع توجه الدولة نحو نشر استخدام تلك المركبات الصديقة للبيئة التي لا تستهلك مصادر الوقود التقليدية.
وأضاف السفير بسام راضي أنه تم خلال اللقاء طرح إمكانية التعاون المشترك مع الشركة الألمانية في مجال تصنيع المركبات الذكية ذاتية القيادة، وذلك لاستخدامها في المدن الجديدة الجاري إنشاءها، خاصةً العاصمة الإدارية الجديدة.
الرائع فى الأمر أنه عندما يأتي هذا التأكيد من رأس الدولة فأنه يبعث لبرسالة أطمئنان لشركات السيارات العالمية التى أثبتت التجارب الكثيرة خلال السنوات الماضية أنها تتردد فى ضخ أستثمارات فى تلك الصناعة بمصر لأسباب وأعتبارات عديدة.
أما الأجمل فهو التأكيد على الرغبة الرسمية المصرية للخوض فى مجال تجميع السيارات الكهربية وهي نظرة مستقبلية قد تعطينا لمحة عما تفكر فيه القيادة السياسية الفترة المقبلة. وتتسق تلك النظرة مع توجهات الكثير من الشركات العالمية للتوسع فى إنتاج السيارات الكهربية وتقليل إنتاجها تدريجياً من السيارات التقليدية.
التصريحات التى أدلى بها مسئول مرسيدس – بنز عقب اللقاء لم تكشف عن الكثير مما تم الإتفاق عليه حيث تحدث عن أعتزازه باللقاء مع الرئيس موضحاً أن شركة "مرسيدس بنز" تتمتع بتاريخ ممتد في السوق المصري، ومؤكداً حرص الشركة على مواصلة "الحوار البناء" لتعزيز علاقات التعاون مع مصر. وقد تشير االجملة الأخيرة إلى أتفاق من حيث المبدأ على التعاون وهو أمر جيد.
كما أشاد السيد "شيفر" بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية في إطار تشجيع وتعزيز مناخ الاستثمار والسعي نحو توطين الصناعات التكنولوجية الحديثة، وهو الأمر الذي يتسق مع نهج الشركة، منوهاً إلى أن السوق المصري يعتبر حالياً أحد أكبر الأسواق في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ ويعزز من ذلك موقع مصر الاستراتيجي المتميز، واتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمتها مع العديد من الدول الأوروبية والعربية والأفريقية، الأمر الذي يدعم نفاذ منتجات الشركات العاملة في مصر إلى مختلف تلك الأسواق، وهو ما يفتح الباب لقيام الشركة الألمانية بدراسة تطوير نشاطها المستقبلي في مصر في قطاع تجميع السيارات.
ويعني دراسة الشركة لتطوير نشاطها المستقبلي إحتمالية خوض تجربة الإنتاج فى مصر مرة أخرى. ولكن قد يواجه الأمر بعض العراقيل. فالأمر لا يتعلق بمجرد إنتاج سيارات كهربية. ولكن تحتاج تلك السيارات الكهربية كي تنتشر فى دولة بمساحة مصر آلاف محطات الشحن الكهربي وهو ما لا يتوافر خلال الوقت الحالي ويتعين علينا العمل عليه وبسرعه.
أما الأمر الأهم، فهو تغيير بعض القوانين والتشريعات التى تعيق أنتشار السيارات الكهربية فى مصر. فعلى سبيل المثال يجب أن تتحرك الإدارة العامة للمرور لتغيير بند مهم وهو تكلفة تراخيص السيارات الكهربية والتى تصل اليوم إلى ضعف تكاليف ترخيص السيارات العادية،.
أما موضوع خوض مرسيدس – بنز لفكرة الإنتاج فى مصر فهو أمر ليس بغريب. فقبل سنوات كانت مرسيدس – بنز تنتج الكثير من سياراتها فى مصر إلى أن أعلنت عن وقف نشاطها التجميعي فى مصر. وقبلها بعقود حاولت مرسيدس – بنز خوض التجربة فى مصر فى أواخر الخمسينيات عندما تقدمت الحكومة المصرية بمناقصة عالمية لإنتاج سيارة شعبية ودعت شركات السيارات للدخول فيها وكانت مرسيدس – بنز هي إحدى الشركات التى سعت لكسب تلك المنافصة، ولكن تم أختيار فيات لتكون اساس تلك السيارات الشعبية التى أنتجتها شركة النصر لصناعة السيارات.
كما أن أنتشار مرسيدس – بنز فى مصر لم يكن وليد الستينيات أو السبعينيات بل عرفها المصريون منذ أوائل الثلاثينيات وأشتهرت أكثر عندما أهدى الزعيم النازي أدولف هتلر نسخة فريدة من إنتاج مرسيدس – بنز كهدية زواجه من الملكة فريدة. وكانت تلك الهدية هي أثمن ما حصل عليه فاروق كهدية زواج. وبعدها بدأ أنتشار مرسيدس – بنز بسرعة فى مصر من خلال "إدجار عيد" وكيلها فى ذلك الوقت. ولم يعرف المصريون مرسيدس – بنز كسيارات ركوب فقط بل كمحركات عالية الكفاءة، وفى وقت لاحق كسيارات نقل مخصصة للخدمة الشاقة، وفى الخمسينيات شهدها المصريون كأتوبيسات عاشت طويلاً، وعادت بعدها فى السبعينيات من خلال الأتوبيس الإيراني الأحمر لهيئة النقل العام والذى يتذكره غالبية القاهريون إلى اليوم، كما يتذكر المصريون سيارات المرسيدس التاكسي وكانت سيارات ديزل عاشت طويلاً.
اليوم قد تعود مرسيدس – بنز كسيارات كهربية وهو ما نتمنى أن نراه قريباً وعلينا أن ننتهز تلك الفرصة التى قد تكون فرصة ذهبية لمرسيدس – بنز نفسها إن تقدمت فى قطاع من السوق المصري لن ينافسها فيه أحد.