خلال الأيام الأخيرة نظمت رابطة تجار السيارات فى مصر مؤتمرها السنوي الذى من المفترض أن يرصد أوضاع السوق المحلي وكيفية النهوض به، خاصةُ فى حضور مسئولين رسميين ومشاركة جمعية حماية المستهلك.
شاهدت التقارير والأخبار التى تحدثت عن المؤتمر ولم أجد فيها اي حديث عن حلول أو مقترحات تنهض بسوق السيارات الذى كادت مبيعاته أن تكسر حاجز 400 ألف سيارة فى عام 2010 واليوم تشير أكثر التقديرات تفاؤلاً إلى أن تلك المبيعات ستقل عن 200 ألف سيارة.
فى بلد يزيد عدد سكانه عن 100 مليون نسمة، يبدو هذا الرقم هزيلاً إلى أبعد الحدود، وفى أكثر التقديرات تفاؤلاً لن تتجاوز نسبة أمتلاك المصريين للسيارات ما بين 6-7% وهو رقم يكشف عن حجم المأساة التى نعاني منها فى مصر التى لا يزال الجميع ينظرون فيها للسيارة على أنها "سلعة استفزازية"، بينما يتم التعامل معها فى معظم دول العالم على أنها "سلعة أستهلاكية" ولنعلم أن مصر وفقاً لإحصاءات عام 2009 كانت تحتل المركز 132 من 192 دولة من حيث نسبة أمتلاك الأفراد للسيارات بمعدل 45 شخصاً يمتلكون سيارة من بين كل ألف شخص.
والواقع أن أوضاع صناعة السيارات وحتى تجارة السيارات فى مصر تحتاج إلى إعادة ترتيب. فكثير من التجار يتحينون الفرص لرفع الاسعار لأسباب مختلفة وظاهرة الأوفر برايس خير دليل على ذلك، كما أن البعض يستغل فرصة فرض ضرائب أو جمارك جديدة ليزيد من السعر بحجة أرتفاع الجمارك.
أما السيارات المصنعة محلياً، فمكاسب الشركات فيها هائلة رغم أن بعضها توقف إنتاجه فى الخارج منذ سنين طويلة. والنتيجة الطبيعية لذلك هو منتجات رديئة أحياناً بأسعار خيالية. فما الذى ناقشه المؤتمر السنوى لرابطة تجار السيارات؟ هل أتفقوا على أن يوقف بعضهم "الأوفر برايس" رأفةً بالناس، أم أتفقوا على تخفيضات جديدة تحرك المياه الراكدة فى السوق المحلي والتى أضرت بمصالحهم هم أنفسهم، أما ناقشوا مع المسئولين الحكوميين بشكل جاد سبل النهوض بالسوق وتعزيز المبيعات، أم أن المؤتمر الضخم لم يكن سوى مهرجان خطابي لا يقدم ولا يؤخر.
ترتفع الأسعار يوماً بعد يوم ويلقي التجار باللوم على عوامل أخرى ولم يقل أحداً يوماً ما أنهم جزء من المشكلة رغم أنهم يمكن ان يكونوا جزءاً من الحل. هم جزء من المشكلة والنتيجة أن نظرة الناس تجاههم صارت سلبية رغم أن قلة منهم هو من يستحق تلك النظرة السلبية وليس الكل، ورغم أن تلك القلة تسئ للجميع.
فى الواقع كان الأجدر برابطة تجار مصر التفكير فى ميثاق شرف لتلك المهنة يلتزم به الجميع ويحفظ للتجار جميعاً صورتهم، فلا أخفي سراً أن بعض من تابع تلك الأخبار من الجمهور العادي زعم أن التجار يجتمعون للأتفاق على المستهلك مع بداية العام الجديد، وتلك هي الكارثة. فمع الأرتفاع المتواصل لأسعار السيارات لاسباب هي خارجة عن إرادة التجار أنفسهم تولدت لدى المستهلك صورة نمطية بأن الجميع يتسمون بالجشع، وأعتقد أنه آن الأوان كي تغير رابطة تجار السيارات نفسها تلك الصورة لدى الناس بالفعل، لا بالقول.