تعد شركة بيجو الفرنسية هي ثاني أكبر شركة صناعة سيارات في أوروبا بعد فولكس فاجن، وموجودة بـ 160 دولة، ولها أكثر من 10 آلاف منفذ بيع حول العالم.
وللأسد في شعار شركة بيجو Peugeot الفرنسية للسيارات قصة ممتعة، فهو يرمز إلى صفات بيجو الثلاث، وهي صلابة الأسنان، ومرونة النصل مثل العمود الفقري للأسد، وسرعة القطع مثل سرعة انقضاض الأسد على فريسته، وقد بدأ ظهوره منذ عام 1847، وظهر في البداية في منتجات الشركة آنذاك، مثل مطاحن القهوة والعجلات والدراجات النارية، وظهر على سيارات بيجو منذ عام 1905، وقد مر بعشر محطات تطوير بالتصميم.
وفي التقرير التالي سنتعرف على رحلة صعود شركة بيجو وكيف وصلت لهذه المكانه في عالم صناعة السيارات .
التأسيس
نشأت شركة بيجو كمقاولة عائلية عام 1810وبدأت مختصة في الصلب والتعدين والدراجات الهوائية، فحققت من ذلك شهرة واسعة في فرنسا وأوروبا. ومع ترسخ الثورة الصناعية، فكر أحد الإخوة الشركاء في تأسيس قسم لصناعة السيارات أملا في تحقيق السبق بهذا المجال الجديد الذي ما يزال حينها في مراحل التجريب الأولى، وإن كانت التوقعات في تلك المرحلة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المستقبل في العقود اللاحقة سيكون للسيارات.
عام 1891، صنَّعت بيجو أول سيارة لتصبح أول شركة مقاولة للسيارات في فرنسا والعالم، لكن خلافاتٍ داخل الأسرة افسدت المشروع فقام أحد الشركاء بتأسيس شركة خاصة به لصناعة السيارات حملت اسم بيجو.
الازدهار
حلت بالعالم الصناعي في أوروبا وأميركا الشمالية نوبة تعلق بالسيارات عُرفت في الأدبيات الغربية بسنوات الهوس والجنون، وتميزت بتوسع صناعة السيارات وانخفاض كلفتها وإقبال الطبقة العمالية والمتوسطة على اقتنائها بمعدلات قياسية مقارنة بالقرن الـ19 الذي عرف بواكير صناعة السيارات وكانت خلاله حكرا على الطبقات العالية نظرا لـغلاء أسعارها.
ومع بداية القرن العشرين، تُوفي مؤسس بيجو "إيجين بيجو" فأخذ أبناؤه حصتهم من المقاولة العائلية وأسسوا ماركة جديدة سموها "ليون بيجو" بينما بقيت الماركة الأم في حوزة عمهم "أرنو بيجو". وعام 1910 اندمجت المقاولتان في شركة واحدة مجهولة للسيارات حملت اسم بيجو.
اعتمدت الشركة الجديدة على أربعة مصانع تتوزع بين أودينكور وبولييه وليل، وعام 1912 افتتحت مصنعا جديدا في سوشو. ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى كانت بيجو تُنتج أكثر من عشرة آلاف سيارة سنويا أي نصف إجمالي إنتاج فرنسا.
الشعار
اختارت الشركة الأسد شعارا لها، ومع مرور السنوات وتوسع الأنشطة التجارية أدخلت تحسينات على شعار "ملك الغابة" فغيرت المؤسسة من الخلفية وشكل ظهور الأسد، ففي عام 1998 على سبيل المثال أصبحت الخلفية زرقاء أما الأسد فأصبح فضي اللون، ولاحقا تم تعديل الشعار بإضافة خطوط ليصبح الأسد أكثر وضوحا وتحديدا.
المنافسة
مع نهاية الحرب العالمية الأولى، برزت شركة رينو منافسا شرسا واستفادت من مساهمتها في المجهود الحربي للحلفاء وإنتاج دبابات للجيش الفرنسي، حتى أن تلك الشركة حظيت بتكريم خاص من دول الحلفاء على مساهمتها في النصر على دول المحور.
برزت كذلك شركة سيتروين الناشئة ذات الاستثمارات الهائلة والتي حققت مكاسب كبيرة ومقلقة. ومع ذلك، فقد استطاعت بيجو الصمود باتخاذ إجراءاتٍ عاجلة تمثلت في فصل فرعها المختص بالمحركات عن فرع السيارات والتخلي عن صناعة المقطورات نهائيا.
مكّنت هذه التدابير بيجو من استعادة عافيتها واجتياز أزمة 1929 وتداعياتها فترة الثلاثينيات بجدارة. وهكذا تمكنت من الانخراط بجدارة في سباق التسلح السابق على الحرب العالمية الثانية.
وخلال الحرب، وفرت الشركة لـ ألمانيا النازية سيارات ومحركات طائرات وقطع غيار الدبابات حتى أن أكثر من 90% من صادراتها اعتبارا من عام 1941 كانت توجه لألمانيا.
لكنها لم تتعرض للعقوبات التي تعرضت لها رينو بعد التحرير، ذلك أن بيجو كانت مرغمة على هذا التعاون عكس الأخرى.
ما بعد الحرب
اضطرت الشركة في فترة ما بعد الحرب إلى اتباع سياسة عدم تنويع الإنتاج إلى حدود 1955 فتم إنتاج "بيجو 403" وهي أول سيارة فرنسية تعمل بالديزل، وحققت نجاحا باهرا ومكنتها من غزو السوق الأميركية مطلع الستينيات.
وبحلول 1970، أصبحت ثاني مصنع سيارات بفرنسا بعد رينو بمعدل سنوي بلغ 500ألف سيارة، كما دخلت في شراكات مع رينو وفولفو لإنتاج محركات جديدة وفق قواعد تقنية مختلفة شكلت ثورة جديدة بقطاع السيارات خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كما توسعت محليا بشرائها ماركة سيتروين.
التوسع والعالمية
بعد تجربة التوسع إلى السوق الأميركية بالستينات، أقامت بيجو شراكة مع شركة إيرانية وأقامت مصنعا للتركيب في طهران، لكن أزمة الرهائن الأميركية وما أعقبها من توتر بعلاقات طهران والغرب أدخلت المشروع فترة سباتٍ لم تنته إلا مع توقيع الاتفاق النووي عام2015.
ومطلع التسعينيات، بدأت باستكشاف آفاق عالمية فأقامت مصانع في أفريقيا وتحديدا نيجيريا، وعام 2010 تفاوضت مع سلطات الجزائر على إقامة مصنع كما فعلت الشيء ذاته مع المغرب وأثمرت المفاوضات اتفاقا على إقامة مصنع بالمنطقة الحرة بمدينة القنيطرة يبدأ تشغيله عام 2022.