بعض وكلاء السيارات فى مصر اصبحوا مثل الشعراء .. فعندما يعجز العامة عن تفسير بعض المعانى التى تحملها بعض الأبيات الشعرية .. كان رد الشاعر بان المعنى بوجدانه وبين أحشائه وان كلماته غير مرسلة للعامة .. ويبدو ان هذه السياسة أعجبت بعض وكلاء السيارات فى مصر .. وباتوا فى واد والمستهلك فى واد اخر .. ليس المستهلك فحسب ولكن حتى المتخصصين باتوا غير مدركين سبب تجاهلهم معظمهم تقديم أية خصومات على الأسعار _ على خلفية تراجع العملات الأجنبية !!
ووفقاً لهذا فإن العنوان الأكثر دقة لهذا التناول هو ان من المفترض ان يكون .. الدولار فى بطن الوكيل .. ولن يستفيد المستهلك من تراجعه !!
اعلم علم اليقين ان بعضهم _ سعر _ طرازاته بشكل يتفق مع المتغيرات التى طرأت على العملة .. لكن ثقافة المستهلك الان فى ضوء ما تعرض له من إبتزاز على مدى سنوات _ خاصة فيما يتعلق بخدمات ما بعد البيع _ ثقافة معظمهم بدأت تركز على الخصم المحتمل الذى سيتم منحه من قبل الوكيل كل فترة زمنية .. لانهم باتوا متيقنين ان اى ميزة قللت من تكلفة الوكيل سواء كانت ناجمة عن إلغاء اى موارد سيادية او اى إنخفاض فى أسعار العملات سوف يلتهمها الوكيل فى بطنه .
وللأسف معظم الوكلاء فى مصر يتحملون مسؤولية هذا الشعور بعدم المبادرة فى تخفيض الأسعار بنفس السرعة التى ينتهجونها فى حالة ارتفاع سعر الدولار اوفرض موارد سيادية .
علما بأننى لست من المؤيدين للاستعانة بلفظ " السعر العادل" وقبل ان ترفض او تتجاوز عزيزي القارىء أرجو ان تدرك ما اقصده ..
السعر العادل ليس السعر الأقل ولكن هو السعر الذى يتفق مع القيمة .. واخشى من ان تركيز المستهلك فقط على عامل الخصومات قد يؤدى به الى إتخاذ قرار غير مناسب .. لابد ان يرتبط السعر بعدة عوامل لا تقل أهمية عن السعر .. مثل مكانة العلامة ومن يمثلها ومن يصونها وتجهيزات الطراز المزمع شرائه مقارنه بمن يماثله فى السعر او الفئة خاصة فيما يتعلق بعوامل الأمان _ وأسعار خدمات ما بعد البيع .. مش هتخسر حاجة لو عملت زيارة لمركز الصيانة قبل إتخاذ قرار نهائي بالشراء .. اسأل علي العربية كويس وعن عائلتها قبل ما تتورط .. ما تفزحش بالمهر القليل على حساب علاقة قد تدوم العمر كله .
عشان كدة _ من وجهة نظرى الشخصية _ لا يوجد وكيل او تاجر جشع _ بل يوجد وكيل غبى _ بدليل ان أنجح الطرازات التى حققت نجاحاً وتفوقاً ملحوظا وقادت السوق فى اخر 20 عاماً هى الطرازات التى تم تسعيرها بشكل يتفق مع قيمتها .. خاصة فى الشرائح التى يمثلها قطاع كبير من المستهلكين .. وحقق الوكلاء الذين تبنوا هذه السياسة أرباح فلكية بل ان فريق شبكة الموزعين لهذه العلامات حققوا أرباحاً كبيرة أيضاً ومكانة كبيرة وبعضهم تحول الى وكيل بفضل توزيعه لعلامة تنتمى لوكيل احسن سياسة التسعير ويؤمن بقانون القيمة مقابل السعر . علماً بأن بعضها كانت علامات كورية وليدة !!
المستهلك يحتاج الى ضمانات .. فمن يضمن له ان الوكيل ألقى بكل اوراقه ؟
من يضمن له بان السعر المطروح هو اخر سعر فى ضوء المعطيات الحالية ؟ الا فى حالة هبوط العملات الأجنبية .. على العكس فالسوق سوف يرحب باى تخفيضات سوف تتم بسبب العملة .. لكن ما يحدث وتناولناه اكثر من مرة ان العملات الأجنبية مقابل الجنيه تنخفض بشكل ملحوظ ولا يحدث رد فعل فى الأسعار مساوى فى المقدار .. ثم يحدث ركوداً .. وبعدها يضطر لتعديل الاسعار .. بعد فقد الثقة من جانب المستهلك !!
ختاما فإن الوضع الراهن يستحق التخطيط خارج الصندوق لوضع حلول مبتكرة يقبلها ويقتنع به المستهلك .. حلول تستهدف مصلحة المستهلك فى المقام الأول .. الإعلانات وحدها باتت غير كفيلة لجذبه لانه طول ما المستهلك فاقد الثقة لن يشاهد رسائلك الإعلانية .. بل تتحول احيانا الى مجال للسخرية والإسقاط بما يهدد قيمة ومكانة العلامة التجارية .